دخلت صباح اليوم مطعمة لا كباقي المطاعم، فهو مطعم فيه كل شيء إلا الطعام! فأنت تقعد فيه الساعات الطوال تنظر إلى الأثاث، وتستمع إلى كلام الباعة الذين اتفقوا على ألا يتفقوا! فهم أبدا يشغبون هنا وهناك، مثل الدجاج في قنه! ولكنك لا تأكل طعاما ولا تشرب شرابة، تقعد سغبان جائعا حتى تشك أأنت في مطعم أم في متحف!
ويدير المطعم عفوا أعني المتحف، يديره شاب لا يعرف من الإدارة إلا كما يعرف من السياقة سائقو التكاسي. وهو -بعد- يشتغل محاسبة، غير أنه يجهل أسعار الطعام الذي ليس موجودة أصلا! وفي متحفهم هذا عجائب أخر، منها أن الكمبيوتر لا يشتغل، لأنه رفض أن يتحكم فيه من لا يتحكم في أعصابه ولا يحسن معاملة الزبائن.
ومنها أن العاملين في المطعم مصابون بحول في العين غريب جديد لا يعرفه الأطباء، ذلك أنهم يرون المكان الفارغ مزدحمة، والمزدحم فارغة، ولله في خلقه شؤون! ومنها أن للعاملين في المطعم نظام وقت غير نظامنا؛ فالدقيقة عندهم ليست 60 ثانية كما هي عندنا، بل أطول من ذلك بكثير، وليس لها مقياس ثابت، بل على حسب (المزاج)، ويظهر والله أعلم أنهم لا يريدون زبائن في مطعمهم؛ ذلك أنهم لا يحفلون بسخط أحد ولا رضاه، لأن الخسارة حليفهم في الحالين كليهما.
وفي الختام سأقول ما قلته للبائع بصوت عال حين غادرت المطعم: أبشروا بالإفلاس!
عبدالرحمن الشنقيطي
Comments