أنا ذاك اللا.. اللا.. اللاأعلم، لا يمكن حتى أن أصف نفسي بأني لا شيء، أو غير موجود، لا أظن شيئًا في الدنيا قادرٌ على معرفة من أنا، لقد وجدت هكذا فجأة أراقب الجميع، لست موجودًا بالنسبة لأحد، غير أني مرتبط بهذا المكان، اعتقدت في البداية أنني ربما أكون مرتبطًا بالأشخاص الموجودين هنا، راقبتهم و رأيتهم طوال الوقت، عرفتهم حتى أكثر من معرفتهم لبعضهم، لكن لا أحد منهم يعرف عني، هل أنا أحد أسلافهم الميتين؟ لا، لا أشعر بأي حنان تجاههم، ربما أكون أحد الناس الذين قتلوا في هذا المكان وقد عاد لينتقم ويأخذ حقه ممن قتله، لقد آمنت بهذه الفكرة لفترة طويلة، حاولت أن أبحث عمن قتلني أو اغتصب حقًا لي لكني لم أستطع مغادرة هذا المنزل أبدًا، جلست هناك وبدأت ألتقط الأحاديث هنا وهناك عن شخصٍ في هذا المنزل قد قتل أحدًا من قبل لكن لا جرائم، كانت مرة واحدة حينما سمعت الصبية ذات الأربعة عشر عامًا تتكلم عن الجد الذي قتل صديقه ليستولي على أملاكه، لقد آمنت بسرعة أني ذاك الصديق لكن بسبب تأخري في المرور من عالم الأموات إلى عالم الأحياء، مات الجد ولم أتنبه لموته، والآن لا أشعر بشي بسبب عدم وجوده، وقبل أن أفكر هل أقتل أبناء الجد وأحفاده، أو أتركهم وأترك نفسي للفراغ، حتى قالت كم هو ممثلٌ بارع، يااااااه خاب أملي، أدركت فقط للتو المغزى من وجودي، والآن أعود لنقطة الصفر بلا أي شيء، حاولت أن أعرف بشتى الطرق من أكون، لكن بلا فائدة، لا شيء يعطيني الوجود، دائمًا ما أشعر أن وجودي متأخر لكن لا أعرف، متأخرٌ لماذا؟ أو عماذا؟ حتى أتى ذاك اليوم حينما كان المنزل فارغًا من الجميع، لانهم أرادوا أن يهدموا المنزل، فالأرض تحتهم عبارة عن منجم من معدنٍ نفيس، حسنًا لا أهتم لعل ذاك على الأقل يحررني من ارتباطي، لكن ما إن ضُرب المنزل الضربة الأولى بالجرافة الضخمة، حتى شعرت بألم، لقد عرفت كشخص عاد شريط حياته ليمتد أمامه وهو يحتضر، لقد كنت أنا روح المنزل؛ كان المفترض أن أظهر حينما بناني المؤسس الأول للمنزل لكني تأخرت....
جمانة الفراج
Comments