أمامه سورٌ عالٍ يرتجف ويتمايل، لكنه لا يسقط، يحيط بقصرٍ قديم، ينظرُ إليه خالد بتأمل ثمٌ يدور حوله، حكمته في الحياة أن يحيط بالأشياء، وأن يلتف عليها بسوارٍ حتى لا تختفي، كما اختفى جده من هذه الحياة!
ورِث خالد من جده قصرًا من طين، فيه عاش أجداده، فذهبوا ولم يتركوا فيه شيئًا، غير كتاب بقيت فيه وصاياهم، بنى حول قصرِه سورَا، وبدأ يحفر الأرض باحثًا عله يجد كنزًا أو بقايا من آثار، لكنه لم يجد شيئًا، كان يعيد الكرة يوميًا، ويحفر جهة الشمال تارةً، وجهة الجنوب تارةً أخرى، ولما لم يجد شيئا داخل دائرته، قرر الخروج منها والبحث خارجًا. خرج راكضًا نحو قصرِ جاره عله يجدُ شيئا، أخذ ينبش الأرضَ نبشَا، ثم عاد خالي اليدين..
كانت القرية آمنة قبل أن تطأها قدماه، والقصور التي كانت لا تتجاوز مساحتها مئة متر ملاذًا آمنًا لأصحابها، وفناؤها الخارجي الذي يكبرُ مساحة المنزل بأضعاف موطنا للمواشي، والدجاج، أما السور فكان يحيطها.
وفي بقعة قريبة من القصر كان قبرُ الجد، الذي أوصى أن يسكنَ هنا بعد الحياة، في وطنهِ الذي أفنى حياته فيه فترك المكان لحفيده.
لم تكن تفاصيلٌ مثل هذه تهم خالد، فمنذ يومِ الدفن، حتى صارَ القبرُ عيدًا له، يزوره كلَّ أسبوع لكنه لم يكن ليدعو له، بل كان يدعو أن يجد شيئا مدفونًا خلفَ السور، سوارٌ من ذهبٍ مثلا.
ولما وجدها مدينةً خاوية، لا كنزَ فيها ولا بشر، ملأها، بأن حوّلها لمخزنٍ لكل ما هو مخالف، مسروقات، وأموال لا يعلمُ مصدرها، لكنه يعلم أن له حصةٌ منها مقابل بقائها في قريته.
دخل القصر بهدوء في الليل، وخلفه الرجال، "بسرعةٍ" قال لهم، وضع معهم الأكياس، أغلقَ الباب خلفهم.
في الليلة السابعة، دخل إلى القصر، قصد كتاب الوصايا ودفنه، ثم بنى حولهُ سورًا من ذهب، خرج بعدما سمع صوتًا اهتزت الأرضُ من شدته ، حدَّث نفسه! أوَ تتحدثُ الأسوار؟!
حتى اشتدت الصرخة ألم تسمع بقولِ عمر؟ ثم انهار السور فوقه! فاستفاق خالد من حُلمه خلفَ أسوارِ السجن!
الشيماء آل فائع
Comments