top of page
شعار مداد.png

أيرى البدر سارة؟

يحل الظلام على جبال الوادي الحادة كحواف المشكاة المكسورة، لتبدو لساكنيه كأسنمة قافلة من ناقات صالح تلتف حول البادية.

مشى سفيان الغر ذو الشعر والهدب الأسود الكثيف كروح الصحراء بخطى واسعة تشد ثوبه المصفر القصير، مشى حتى وصل إلى أبعد خيمة وتخطاها، بدا للناظر من بعيد أن سفيان راحل لا محالة، توقف بعد مدة، فجأة، كمن لم يفكر بذلك، بدا متردداً من أن ينظر خلفه ويجد الأطلال مازالت واضحة.

قبل أن يقرر رفض ذلك، تذكر سفيان حدث اليوم، أمطرت عليه ذاكرته حتى ابتل بها تماماً، شُدِه وجهه كأن ما سمعه اليوم قد جف في ذاكرته حتى لحظته تلك، لُج قلبه مجدداً كأول مرة سمع بها أن عامر الحامض سيتزوج سارة غداً، خر القصير على ركبتيه، سارة، روحُ روحِ نجد، عزيزة القلب، ستنتزع منه.. لم يعلم كم يتوجب عليه أن يكون كبيراً أم قوياً أم ذا جاه ليظفر بها، عَلِم فقط أن ذلك الاحتمال الضئيل أياً كان، قد سُلب منه هو الآخر.

أخذ يدمع، ثم نشج، حتى بكى أخيراً وخَر، التصق وجهه بالتراب، كوّن الثرى خرائط لدمعه على وجهه، نشج كثيراً قبل أن يهدأ، وهو يراقب الأرض المستنيرة بضوء البدر، أيرى البدر سارة؟

أغمض عينيه وراح يكنس أفراح قلبه حتى طارفه النوم، فأتته سارة.



سديم الراجحي

 
 

Comments


تم الأشتراك في القائمة البريدية

  • Twitter

جميع الحقوق محفوظة لمبادرة "مِدَاد" 2020

bottom of page