top of page
شعار مداد.png

إلى صديقي المفضل جداً

  • صورة الكاتب: cwksu
    cwksu
  • 24 يونيو 2021
  • 2 دقائق قراءة

أرسل لك هذه الرسالة في يوم صيفي حار جدًا، ها أنا ذا قد كبرت عامًا آخر من القلق، يعتريني الخوف يوميًا من أن أقف، من أن أخذ راحة لساعة واحدة، أخاف أن يفوتني القطار. القطار متجه إلى أين؟ لا أعلم ربما الهاوية لكنني أخاف أن ينبذني سكان القطار فارغم نفسي على صعوده، الهواء في المقطورة خانق جدًا، والملل يعتري الأجواء، أخاف أن أتنفس فقط فيلتفت الجميع لي، أخاف أن أنطق بحرف واحد فترمقني تلك النظرات بشفقة وغصب في آن واحد.


كما تعرفني يا صديقي البعيد أنني الشكل القبيح للمثالية، أنا ذلك القالب الذي يطرحه أساتذة الفلسفة كقالب الخطأ، كقالب الهفوة، كالنسبة الباقية التي لم ولن تصل إلى الكمال. لكنني إلى الآن أسعى وألهث وأسعى وأقف مثخنًا بجروح السعي نحو الكمال، لم أجد يومًا السكة المناسبة لي، ولم تكن إحدى المحطات المارة منزل دافئ لي، لا زلت بتلك المقطورة الخانقة أتلوى من شدة الخوف، أخاف أن أنزل فاكتشف أنه المنحدر الأخير لي، لكنني أكتب هذه الرسالة بكل حب لك رغم أني خائف، ورغم الدموع التي تجتمع بعيناي، ورغم صراح المثالية التي أعيشه مع ذاتي الناقصة، أتمنى أن تكون بخير، أن تكون كما أنت عندما أصل إلى محطتك يومًا ما.


أووه يا صديقي؛ أنت أحد ضحايا عقدة الطالب المثالي، وتذكرني حقًا بذلك الذي حاول اللحاق يوماً بالقطار ولكنه دهسه. نصيحتي لك أن تتمهل قف في إحدى المحطات الربيعة، استلقي على العشب، استشعر تلك النسمات الصيفية الحارة وإياك أن تشعر بالذنب لأنك سترتاح، وأحضر مفكرة وقلم واكتب ما تريد.


كن محددا ماذا تريد أن تكون وما السكة التي تريد سلكها، فما أراه أنك تركض مسرعاً نحو الهاوية مباشرة بلا خطة محكمة، وفي حال فاتك القطار دعه يفوتك، فبعد نصف ساعة إن لم تكن أقل، سيحضر غيره وربما لم يكن قدرك أن تأخذه.


تعلم أن تستمتع بالرحلة بالصحبة بالوجوه المبتسمة والمتعثرة في آن واحد، فتلك الوجوه ستتكأ عليها حين تزهق روحك من الملل أو التعب ستظل مجاورة لك تسليها وتسليك. فالوجهة ليست بأهمية الرحلة وكيف تقضيها ذلك القلق المزعج سيهلك قلبك وعقلك بدل من إهدار طاقتك عليه أهدرها في التخطيط الجيد المحكم بالسؤال عن الاتجاهات والأشخاص الرائعين.


تعلم تعلم تعلم ولا تنسى نصيبك من الدنيا وارمي قلقك من النافذة، فبدل أن تصل مرهقا من أثر الرحلة، فقط ستصل أصلعا هزيل الجسد من أثر تعذيبك لنفسك، ونصيحة تلقيتها من أحدهم لا تستهلك مشاعرك حتى لا تجد نفسك يوماً مفرغا منها. ولا أضمن أن أكون كما أنا حينما تصل لمحطتي ولا حتى أنت فنحن نتغير نتطور بسرعة مذهلة وما زلت تقلق علي حتى؟ أنا أعاني من مشكلة عويصة لا قدر الله؟ ومن منا لا يخلو وما زلت تبحث عن الخلل بدل أن تستمتع ببديع الجمال، عزيزي حتى الخلل به جمالية لا تغيب.


رسالتك مبعثرة مليئة بالثقوب هي الأخرى لذا هل ستقلق بشأنها هي أيضا وستيتمها وتمتنع عن إرسال أخريات؟! لذا ستجد إجاباتي بنفس البعثرة، نم قرير العين وانس، ولعلك تستيقظ على أنس وونس بعد أن تتغير رؤيتك صباح الغد لما حولك.


والسلام في المبتدأ والختام

صديقتك المخلصة


لطيفة الخريجي



 
 
 

Comments


تم الأشتراك في القائمة البريدية

  • Twitter

جميع الحقوق محفوظة لمبادرة "مِدَاد" 2020

bottom of page