تطل كل صباح بأوراقها العملاقة، أشبه ما تكون بطاووس يمشي متبختراً بزهو ألوانه، والتمر يزين عنقها الأخاذ. إنها نخلة الحي يا أصدقاء. تمد جذورها إلى ما تحت منازلنا دون أن نعترض؛ كأنها تقول أنا كنت هنا أولاً.
وهذا ما أشعر به فهي جميلة وآسرة وطويلة وكبيرة منذ كنت طفلاً، فمهما طلت ستكون أطول مني، مع أني في التاسعة من عمري، ومهما كبرت ستظل ظلا لمن لا ظل له، كتلك العجوز الفقيرة ظننت لسنوات أنها ابتلعت ظلها ولكن النخلة هي من أرجعته لها كانت تخبئه لها طوال الوقت، لقد رأيت ظلها حينما كنا نشيع لجنازتها.
ترسل العصافير في مهام شديدة السرية لتغني أغنية اليوم لحزين أو حتى إعادة قطة ضالة إلى صاحبها. تراقبنا بصمت على الدوام وتمنح طيورها تمرات مقابل المهام الخطيرة التي تدور وسط الحي.
وإن أبى أي منهم سلطت عليه باقي النخلات والنباتات ألا يطعمنه، والآن بدأت في مهمة تجنيد النملات أم أنهن جنديات قديمات تقاعدن فأرادت أن تعيدهن إلى ميدان المعركة؛ ولكن لن أدع أيٍ من أفراد أسرتي يقلق حيال هذا الأمر، فأنا أقتل أي نملة بحذائي قبل أن تتجاوز عتبة دارنا.
تعرف كل أسرارنا، أخ منك يا فضولية من أعطاك حق التدخل في شؤوننا، سيأتي حفيد من زرعك غاضبا بفأس وحينما تهتزين وتهرب الطيور من أغصانك وتسقطين بكل جلال؛ أعدك أن أصمت للحظات احتراماً لكِ، ولربما تفرط من عيني دمعة أو اثنتين.
لطيفة الخريجي
ابدعتي❤