لا أعبأ بعد الآن، سيعيث الدمار بالدنيا وسيتراكم البشر من خلفي جثثاً، سأنتهي الآن إلى جوهر الحياة وذروة المعرفة ولو كان بذلك تفتح أبواب الجحيم، إنها النهاية ولن يغيرها فناء العالم معي أو بقاءه، سأموت وستختم روحي في الكتاب الأحمر، كتاب الشيطان مفستوفيليس.
العلم، المعرفة الأسمى، إدراك الوجود وإجلاء الخفايا، ما تختزنه الأرض وما يختزنها داخله، ما هو أبعد من ذلك بكثير أو أقرب جداً مما نراه، ما هو أكبر بكثير من أن يلاحظ أو أصغر بكثير لئلا يرى. العلوم الجمة والعقول النيرة على مر الزمن، ملء المكتبات وخارجها حتى، كلما حاولت إدراك هذا العالم تماثل للغموض والتشعب أكثر، كلما لاحت ذروة في سماء معرفتي بددها ضباب الوجود ومزقها طرقاً تتفرع أينما تقدمت أكثر، اضطرني ذلك دائما إلى اختيار طريقٍ واحدة وتخطي علماً جماً في كل منها، حيث أفقد مع كلٍ منها صبري وتحلمي، ولكن ليس بعد الآن، ليس بعد أن أبرمت العقد مع مفستوفيليس، العمر يفنى والعلم ينأى، لم ينو هذا الوجود الإفصاح عن إساره طواعية أبداً، قد كان يتطلب سبر كل طرقاته وتشعباته أعماراً وأزماناً لا تحصى حيث لم يكن ليستوعبها عمري القصير أبداً، أما الآن، بعد أن وهبني مفستوفيليس جميع المعارف التي لاحقتها وجلّى الوجود كل ما أبطنه قسراً، وصلت الآن لجوهر الحياة، المعرفة الأخيرة والاجابة المنتظرة، ما إن تتجلى حتى أصل إلى ذروة النعيم، وإن كانت الجحيم عينها.
سديم الراجحي
コメント