ذلك كابوس؛ أن أكون الهامش بعيداً عن كل السطور، والحرف الساكن في كلمة تنهك اللسان، أن لا تصنف حياتي ضمن السرديات الكبرى وتصبح حلقة سرمدية من التكرار الممل، أن أكون نجماً وتمنعني الشمس من مراقصة وضح النهار.. أن لا أكون الشمس.
تلك الاحتمالية في أن لا تترك خطواتي طبعة على سفوح رمال الحياة تفزعني، أن أكون الممثل الذي يلعب دور الشجرة في خلفية من الخلفيات؛ بينما الضوء يصب على ممثل دور روميو وهو يترنح أرضا أثر السم، تهلكني جداً والتفكير أن غاية وجودي هي تتمة لحياة غيري، أن أكون ذلك البيدق الذي يساهم في إفراغ الساحة للملك! وحتى دور الملك لن يشبعني لأنه تتمة هو الآخر! أود أن أكون اللوح!.
ولهذا تجدني أتجنب الحروب الجماعية لاحتمالية أن تتهاتف مواكب الفخر وأبقى الفقيد دون النعي، لذا أسكت المؤرخين وتوثيقاهم الحزبية بفوج الأسماء، وأسمع العجوز الخرف الذي يدوي ببطله الوحيد وسبب النصر، لذا تجدني أتمسك بحرف الألف الذي يجعلني من هوية إلى هاوية تبتلع كل الانتباه، لذا أميل لأولئك الطغاة الذين أرادوا أن يسير العالم على مزاجهم الجلف ولا الجماعات القدسية التي تسعى لمؤازرة الضحايا.
لذا أفضل الهالة الفردانية بمأساويتها، أفضل أن أكون جرحا مميتا في صدر محارب ولا نیشانا من نياشين بدلته الفخرية، أن أكون تلك الضحية التي يفضل التخلص منها لإنقاذ الجموع.. أن أكون البطل، ذلك الأثر الباقي وإن اندثرت البسيطة، تلك الذكرى التي تتغنى فيها قصائد الدهر، والسخط الذي يتعوذ منه المشائخ، أود أن أكون تلك النقلة بين اللاشيء والشيء، الشيء الفارق في الحبكة والذي حاكوا الحبكة له! طماع نعم لأن كابوسي هو أن أنسی.
عبدالله السبيعي
Comments