ماما تحمل طفلاً جديداً في بطنها! لكني لا أعلم كيف أجعلها تتوقف عن استبدالي، يا الله هل أنا طفل شقي حتى ترغب أمي بجلب فتاة ما؟ هل هي يا تُرى تُعاقبني مثلما يفعل المعلم حينما لا أجلب كتاب الرياضيات تعمدًا؟ لكني لست متعمدًا.. يا رب ساعدني فلقد قال معلم الفقه أنك تحب حينما يحادثونك عبادك، صحيح لم أستطيع صيام يوم كامل بعد مثلما يفعل إلياس ابن خالتي لكنني ما زلت صغيراً.
يارب أجّل لي لحظة قدوم تلك الفتاة ثلاثة أعوام أخرى ربما؟ حتى ألعب مع أمي أكثر وأدرس برفقتها تلك المسائل التي أكرهها جدًا، لأني إن لم أفعل سأفشل بتخطي المادة بتقدير مُرضٍ لجدي الوحيد الذي يعرف مدى كرهي لتلك الفتاة.
- لكنك تعلم بأن الله يأمرنا بعدم كره عباده فكيف تتوقع منه قبول دعوتك الآن وأنت مُصرح بالكراهية؟ قاطعني جدي، معلنًا قدومه لغرفة الجلوس.
- لكن الله يعرف ما في داخلي من مشاعر وهو صادق، كيف أستطيع الكذب عليه؟ أجبت باندفاع
- لا أقول لك بأن تكذب عليه لأنك لن تستطيع حتى وإن رغبت بذلك، لكن حاول مغالبة هذا الشعور
- ما معنى مغالبة؟
- مواجهة الشيء ومحاربته، لا تدع أي شعور يسيطر عليك.
- وإن سيطر عليّ ما الذي سيحدث؟
- ستخسر أوقاتك الثمينة الممتعة في اللعب والتعلم مع والدتك
- أخسر خسارة أكثر من قدومها؟ هذا غير عادل!
- ما هو العدل؛ غيث؟ أكره حينما يفعل جدي هذا يترك المحادثة ويسألني سؤالًا لا صلة له بحديثنا.
- لا أعلم، أجبت.
- أعلم بأنك تعرف الإجابة لكنك غاضب، ومرة أخرى تترك شعوراً سخيفاً وصغيراً يُسيطرعليك.
- إنها مشاعر شيء لا يُرى ليس شيئًا صغيرًا أو كبيرًا!
- صحيح، لكنها كل شيء تُفكر به الآن، وبسبب تفكيرك المتزايد فيها أغفلت فصل جديد من المتعة مختلف وقادم لكم كعائلة.
- أي فصل؟ وعائلة تقصد أنا و...
- جميعا مع "غاية" فنحن عائلة، والجانب الممتع لا أستطيع وصفه حتى لا أفسد عليك المفاجأة، ستكون لنا حقوق وواجبات جديدة مُنعشة.
- يا له من اسم قبيح.
- غيث إنه اسمك المفضل! وأعرف أنك فضولي ولديك أسئلة كثيرة بشأنها تستطيع السؤال الآن فقط.
- لماذا الآن فقط؟
- لأنك إن لم تسألني الآن سأفترض أنك لست فضولي بشأنها مطلقًا.
- كيف سيكون شكلها؟ وهل سنحملها طيلة الوقت؟ لا أرجل لها؟ هل ستعرفني؟ وهل ستحبني إن عرفتني؟ لست مهتمًا حقيقيةً لكني أتساءل، وأيضًا..
- على مهلك، تبدو فضوليًا جدًا بالنسبة لشخص يكره قدومها.
- لا أكرهه بالكامل وإنما أشعر بشعور غريب يجعلني أرفضها.
- هل هو شعور الغيرة يا ترى؟
- ما هي الغيرة؟
- سأجيب عليك بعد ما انتهي من الحديث عن شقيقتك أولًا، لا أعرف الغيب لذا لا أستطيع وصف ملامحها بدقة لكن بالتأكيد ستشبهنا باستدارة العين والضحكة الهادئة، ولأنها رضيعة سنحملها لفترة تُعد طويلة وذلك ليس لأنها لا تملك أرجلاً؛ وإنما لأنها لم تتعلم كيفية استخدامهما بعد، وبالتأكيد سوف تتعرف عليك مثلما تعرفت علينا عندما كُنت في سنها، الله وحده من يطّلع على جوف الإنسان؛ لذا لا أستطيع الجزم بأنها ستُحبك لكني مؤمن بأنها ستفعل، والغيرة شعور مظلم مشابه للمنافسة تشعر به تجاه من تحبهم مثل أمك في هذه الحالة.
- لماذا تؤمن بذلك؟
- لأني أعرفك غيث أنت طفل جيد.
تساءلت ماذا يعني وصف جيد؟ كيف أستطيع وصف شخص ما بأنه جيد أو سيء؟ ففي الأمس تشاجرت مع إلياس مما يعني بأنني أسأت التصرف لذا تلقائيًا لن أكون جيداً، إلا أنني توقفت عن طرح الأسئلة فـ البالغين يكرهونها جدًا، صحيح جدي صبور ويحبني، لكن جدتي تقول القلوب متغيرة وأخاف أن يتوقف جدي عن حبي حينما أكثّر منها، لذا سأخلد للنوم اليوم وأنا أدعو ألا تتغير مشاعري وقلبي وأظل أحب أمي وأبي وجدي وجدتي وإلياس وربما ربما غاية، فهي فتاة مسكينة لن تتحرك دونما مساعدتنا ومن غير العادل كرهها الآن على الأقل..
استيقظت على لحظة استيعاب بأنني لم أذهب للمدرسة اليوم أي لم توقظني أمي للذهاب، هل يا تُرى سمعت حديثي مع جدي؟ أدعو بأنها لم تفعل، لأنني غيرت وجهة نظري تمامًا.
لم أجدها في المطبخ أو في صالة الجلوس ذهبت لغرفة النوم وأنا متأكد بأنها لن تكون هناك لن تستغرق في النوم لهذا الوقت المتأخر ولصدمتي وجدتها هناك تحت اللحاف وحيدة، تبدو كطفل كبير متكور حول ذاته، ماما هل أنتِ تِعبة؟ سمعت صوتًا غريبًا يصدر منها، خفت إلا أنني تقدمت لأطمئن عليها.
-لِمَ تبكين؟ صدقيني لم أقصد ما قلته بالأمس لجدي، أعني قصدته في لحظة غضب سخيفة إلا أنني أرغب بقدومها الآن..
-لن أستطيع جلبها لك بعد الآن
-هل أنا معاقب؟ لكنني لم أعرف كيف أستقبل هذا الخبر! أنا أحبّكِ جدًا وخفت أن تتوقفي عن حبي حينما تأتي لنا غاية
-حبيبي غيث لن أتوقف عن حبك أبدًا! أنت طفلي الأعز والأحب لقلبي، لكن لا توجد غاية، حاليًا. وانخرطت في بكاءٍ شديد
-ماما لا أعرف لِمَ تبكين لكني سأفعل أي شيء حتى تبتسمي، هل ترغبين بأكل حلوى؟ أم تودين التغيب عن العمل للأيام القادمة واللعب معي؟ لا مشكلة سنفعل ذلك فقط أرجوكِ ابتسمي مرة أخرى.
-لا أستطيع، أ أ أنا ضعيفة..
-ماما أنتِ قوية جدًا أقوى من رجال الشرطة حتى! امسكي بيدي واحلمي بحياة تشبه التشيزكيك الذي تحبينه جدًا، ستكون هذه حياتنا لأننا نؤمن ونثق بالله ومن ثم ببعضنا البعض.
هدأت أمي وخرجت أنا من الغرفة متسائلًا لِمَ غاية لن تأتي؟ هل هي عنيدة وترفض القدوم أم أن دعوتي قُبلت؟ مستحيل الله لن يقبلها. إذًا لماذا لن تأتي هذه الشقية؟ لا أفهم إنها تجعل أمي حزينة! توقفت وإذا بي أرى جدتي وهي غارقة في أفكارها، لا أستطيع التحمل أكثر، جدتي ماذا يحدث اليوم؟ سألت بنفاد صبر.
تفاجأت إلا أنها طلبت مني الجلوس وهذا الطلب يعني أمراً سيئاً قد حدث.
-ماما تَعبتْ بالأمس حينما كُنت نائمًا فذهبت للمستشفى حتى تكتشف بأن طفلها قد توقف نبضه.
-توقف نبضه يعني اختفى من بطنها؟
-لم يختفِ لأنها عملية تأخذ وقت إلا أن غاية لن تأتي.
-لماذا؟
-مشيئة الله يا بني لا علم لي، كان يومًا طبيعيًا وجميلة لم تشعر بأي ألم حتى وقت متأخر من الليل فهرعت للمشفى ولم يستطع أحد إنقاذها.
-ماما تبكي لأنها تتألم من العملية؟
-نعم ومن فقدان غاية.
-أتفهمها، أنا أحببتها لساعات فقط ورغبت بأن أكون أخ تحبه وترغب باللعب معه، هل أستطيع البكاء عليها أيضًا؟ بأعين دامعة سألت.
-لك كل الحق، ابكي.
منار العتيبي

Opmerkingen