top of page
شعار مداد.png

حبيسة الماضي

استيقظت تلك الفتاة القصيرة لمدرستها بنشاط وحيوية متأملة خيراً في هذا الصباح الباكر، لأول يوم دراسي لها في المرحلة الثانوية، ماسكةً فرشاة الشعر تسرح شعرها وتدندن بكل سعادة وسرور وكأنها نالت الدنيا وما فيها، تحاكي سعادة سندريلا بفستان الحفلة الذي صنعته لها الساحرة بعصاها السحرية.. فجأة صرخت أمي أمي أمي، جاءت حافلة المدرسة أتريدين شيئاً قبل ذهابي؟!

تجاهلت الأم صوت ابنتها ولكن ليس إهمالاً وإنما كان خوفاً مبالغاً فيه عليها، حيث تريد أن تبقى جوارها لتطمئن وتنام مرتاحة البال قريرة العين، فهي تخشى أن تنتكس حالتها ويعود إليها المرض مجدداً بعد أن شفيت منه بفضل الله..


فجأة أثناء تفكيرها بكيف تجعلها لا تخرج من باب المنزل، خرج الأب من غرفته بانزعاج قائلاً لن تذهبي خارج المنزل عتبةً واحدة، أجننتي؟! أتريدين العودة لماضيك، كنزك بيديك وتلقيه أرضاً؟! صُدمت سارة ببشرى غير سارة، قتلت معها أحلامها وكأنها تراها تتناثر نُصب عينيها.

تمنت لو أنها تمتلك ذلك القرص الذهبي الذي أُعلن عنه في أحد قنوات التلفاز بأنه يساعد على مسح ذكريات الماضي المؤلمة فلا يبقى لها أثر، ومن يتناول حبتين مساءً وصباحاً من ذلك القرص الذهبي، فإن هذه الذكرى لن يستطيع حتى سماعها من غيره، فهذا العقار من شأنه أن يصيب متناوله بصمم مؤقت عند سماع هذه الذكرى.


إنها تريد أن تفعل أي شيء كي تعيش حياتها بكل أمن وسلام بعيدًا عن هذه الذكرى التي توقف حياتها، إنها تريد من والديها أن يعيشوا اللحظة، على ألا يعيشوا في الماضي الذي انتهى بحلاوته ومرارته.


الهنوف فهد



 
 

コメント


تم الأشتراك في القائمة البريدية

  • Twitter

جميع الحقوق محفوظة لمبادرة "مِدَاد" 2020

bottom of page