في قريتي شجرة، كانت مثالًا أعلى للجميع؛ كانت أسطورة. اتكأ عليها الكثيرون من بينهم أنا، منذ صباي وأنا ألوذ فرارًا من حياتي إليها، والآن عصاي قد صُنعت من أغصانها وأنا... أراها تموت ببطء أمام عيناي.
ولِدَتْ قبل أن يولد جدي، وبَقِيَتْ على قيد الحياة حتى شِختُ أنا. احترقَت ألف مرةٍ إلا مائة، أغرقها الطوفان مرتين، حاولوا قطعها مِرارًا حتى تآكلت أسنان مناشيرهم وبقيت هي، الصلبة صاحبة المظهر الهش والماضي الموحش.
في آخر اتكاءةٍ لي عليها، مالت قليلًا، ثم... أدركت أن الشجرة التي قد عاشت طويلًا، ماتت من طول الوقوف.
سيكون أمرًا عظيمًا لو أنها عاشت أكثر بقليل؛ فاتكائي الطويل لن يتحمله غيرها.
كانت تلك الجميلة كل شيء، بيتًا، حضنًا دافئًا، ومظلة لم يجرأ المطر ولا الشمس أن يتخللا ظلها. ثم ماذا؟ اكتبُ لكم يا أحبتي أن تدفنونني في مكانها، وتكتبوا على شاهدِ قبري "وقفت في هذا المكان لمئاتِ السنين، شجرة، كانت تعني لي كل شيء".
بقلم: نوره السالم
للاستماع:

Commentaires