"لماذا تكبدتُ عناء العيش حتى؟"
تساءلت عن سبب رغبتي في الحياة من الأساس حين شارفت على إنهائها بحبل ممتد من أبواب الجحيم. لماذا كنت الجميع عداي؟ لم أفهم ما كان مُبررًا لي طوال حياتي في لحظة النفس الأخير من عمري. تبريراتي المبهمة ما عادت تغطي طبقة الإدراك من عقلي.
بدت الحياة لي وكأنها فروض متتالية دون أي راحة؛ فرض بأن أكون مرآة تلك في هذا اليوم وفي الغد انعكاس الأخرى. فروض كان موعد تسليمها هو أي ثانية من الحياة شرط أن تسبق لحظة إدراكي لحقيقة نفسي وتفاصليها، إدراك أن الجواهر الثمينة ما يميزها عن بعضها هو اختلافها وما جعلها ثمينة من الأساس هو رونقها وبريقها الخاص.
ربما بدت الحياة كمزحة لي حين أخبرتني أنها لن تزورني إلا مرة، ولن تُنفخ بداخلي إلا مرة واحدة على هذه الأرض، فأخذت على نفسي وعد إثبات خطأ أفكارها وبدأت بتحضير قائمة بأرواح من حولي لترتديني تلك الأرواح فأتلذذ بالحياة مرات عديدة وبكيان مختلف، ورغم المرات العديدة التي فزت بها إلا أن الحياة كانت سعيدة على الدوام. أهي مصابة بجنون ما أم لا تعرف معنى الخسارة فلا تعيشها؟ لطالما كانت تلك الأرواح سعيدة قبل أن ترتديني فلما الحياة من تبتسم الآن وليس أنا؟
لكن مهلًا..
"لماذا الآن؟" قلت وقد أثلجت أطرافي
ما الخطب في لحظتنا الأخيرة على الكوكب؟ لا أستطيع تقبل حجم كره تلك اللحظة لنا، فلما الإدراك والوعي واستذكار جميع لحظات حياتنا لا تأتي إلا في لحظة انقطاع الأفكار للأبد؟ لما التآمر يا عقلي مع تلك اللحظة البائسة؟ ألم أحاول جاهدةً أن أحمينا منك؟
"كيف كانت ستقضي الأرواح الأخرى لحظة نهايتها؟"
تساءلت للمرة الأخيرة قبل أن أعيد الحبل لمكانه، وبعد أن وعيت على أن الأرواح لن تجلب لحظتها الأخيرة مبكرًا، ثم عدت لاستقبال الأرواح بداخلي من جديد علّي أصبح سعيدة هذه المرة.
نوره العتيبي
Comments