الذئبُ مستلقٍ على السرير، هو نفسُ الذئبِ الذي نعرفهُ في قصةِ ليلى، وأكوامٌ من البشر في الخِزانة، بابُ الكوخِ يُطرق أربعًا وعشرين ساعة في اليومِ الواحد، مِئات الجداتِ ينتظرنَ خلف الباب، يصطففن في طابور لا نهائي، وحينما يحينُ دورهن يسألن سؤالًا واحدًا، هل ليلى هنا؟ ويردُّ صراخُ الأطفال من الخزانة، عندها يزدادُ الطابور طولًا؛ إذ تعود التي في المقدمة إلى آخر الصف آملةً أن َّيومًا آخر قد يحمل إجابة أخرى، وفي يديها سِلالُ الكعك.
تعتادُ الأمهات على إمداد الجدات بسلالٍ من الكعك كلَّ يوم، لتقديمها للذئبِ، لأنه إذا جاع ربما يموت.
الذئبُ جالسٌ على طاوِلة الجدة، وصوتٌ يسأل، هل سلمى هنا؟ "انتظري قليلًا" يرد الذئب، كانت تلك المحظوظة الوحيدة في هذا اليوم، لأن دورها وافق استيقاظ الذئب، والبائسة الوحيدة أيضًا. يقرر الذئب الرد على السائلة العاشرة، وثمنُ الرد سلالٌ من الطعام، يجب على الجدة آنذاك أن تتكهن كم من السلال سيطلبُ؟ وعلى الأمهات الباقياتِ إمدادُ الجدات بالمزيد، وإن كن يعلمن أنها ستكون كلها من نصيبِ واحدة.
الذئبُ معتاد على تناول أربع وعشرين سلة كل يوم، والجميع يُشارك، ويتعاون لإطعامه.
المكافأة الكُبرى التي تنتظرها الجدة، طفلة في الخامسة من العمر -سلمى- تفتحُ الباب، وتتناول السلال من الأرض، وبعدها يُغلق مرة أخرى، تظن الجدة أن الذئب يسمحُ لهن بهذا الرد لكي يطعم الأطفال الجائعين، وإلا فسلالُ يومٍ واحد ستكفيه! ولمدة طويلة! تظنُّ الجدة خيرًا بالذئبِ، فهي ترا ابنتها بخير كُل يوم.. إذن كلُّ الأطفالِ بخير!
يعودُ الذئبُ للاستلقاء، وينسى البابَ مفتوحًا، طغى الفضولُ على الجدة البائسة، واسترقتِ النظر، لم تجد أطفالًا يتناولون الطعام، بل كان رداءُ حفيدتها ملقًى على الكرسي، والسلالُ مُبعثرة في كل مكان، أكلَ الذئبُ الطعام كله في ساعة! أدركت أن الأطفال لا يصرخون من الجوع، وهم مخفيين تمامًا عن الأنظارْ. تجرأت قليلًا ودخلت، حاولت أن لا تُحدث ضوضاءً في المكان.
بحثت في كل مكان، ولا أثر لأي طفلة.
همست: سلمى، فأجابتها بصوتٍ منخفض! مصدر الصوتِ الخزانة الموصدة!
للخزانة بابٌ خلفي، مغلق بالمفتاح، بحثت بين المفاتيح لعلها تهتدي له وتجده، خافتِ الجدة أن توقظ الذئب، فأخذت كل المفاتيح بسرعة، وخرجت، أشارت لكل الجدات أن يتبعوها، طابور الجدات يتقدم نحو الطريق الآخر، المؤدي للباب الخلفي من الخزانة!
من الباب الخلفي للخزانة:
الأطفال يخرجون في هدوء، تتقدمُ الصف سلمى ابنةُ الجدة والآخرين، والذئب ذو الرداءِ الأحمر آخره يفكر في كذبةٍ أخرى، كيف يستطيع إعادتهم إلى الخزانة، بفكرة غير حضانةِ الأطفال!؟
الشيماء آل فائع
Comments