إلى:
أنا العشرينية
مرحبًا..
لابد أنكِ تتساءلين إن كان الحلم الذي قررتِ التحليق إليه مُخبئ كقطرات ندى في سحابة الأحلام ينتظرك أم أن تلك السحابة فارغة... دعيني أخبرك عن واقع السحابة.
تعرفين يا صغيرتي ظاهرة الديجا فو صحيح؟ أن تشعرك بعض اللحظات أنها عانقتك من قبل وكأنك استدعيتها من ذاكرتك في تلك اللحظة، شعور غريب، لكن ماذا لو حدثت هذه الظاهرة بأحداث مستقبلية هل كنتِ ستعيدين أجنحتك لمكانها قبل أن تحلقي؟
سأكون أنا هذه الظاهرة بمستقبلك فاستمعي إلي.
أنتِ ترتكبين حماقة كبيرة باعتمادك الكلي على مسار واحد في حياتك، تؤمنين أن الأحلام الكبيرة مغلفة بالمصاعب وأن السعي لها سيستنزف طاقتك الى آخر قطرة وأنها تستوجب التضحيات فلا شيء كامل أو مثالي، هذا غباء فأنا أقف على قمة ذلك الجبل الذي أوهمتِ ذاتك أنه قد همس لكِ أن تسعي وراء سراب وأراه يسخر من سذاجة عقلي غير الواقعي، يضحك على ثقتي بطريق متعرج نهايته منحدر خطير ثم الموت، لا تحليق للأعلى لكن غرق في الأسفل. كان من السهل إتباع لحظة الجنون والاندفاع في وقتك وكانت جميع التبريرات متوفرة على أرفف عقلك بسعر مجاني فكل تبرير كان سبب للآخر كل ما كان عليكِ فعله هو المضي قدمًا بالرغم من أن جميع حواسك كان تصرخ خوفًا من المجهول ورغبة باستقرار بالي. "سيرضون" "لا أحتاجه" "لست مستعدة لمسؤولية شخص آخر" "أنا بخير لوحدي" "سيفتخرون بي لاحقًا او فليذهبوا للجحيم سأكون فخورةً بنفسي" والكثير من تلك العبارات كانت مصدر تشجيع لذاتك الخائفة والقلقة. "هل سأكون على ما يرام؟" لا لست كذلك "سأفتقدهم لكن سأعتاد على وحدتي فلا بأس" دفعك الشوق الحنين لمحاولات انتحار عديدة "هل سيتحقق حلمي؟" سحابتك فارغة "هل من سبيل للعودة إن فشلت؟" أنتِ تعيشين بقطع حديدية مساعدة. التساؤل الوحيد الذي كان من المفترض أن يخمد نار حماسك الخاطئة هو:
"ماذا لو كان ما تبحر إليه سرابًا؟ ماذا لو كانت الأمواج ما يغريك؟"
في لحظة الشك الهروب هو الحل الأنسب
الى أنا العشرينية... اهربي.
من:
سراب على شفير الموت.

نورة العتيبي
Comments