كان تنمره كله سخرية، لم يسخر أحدٌ مني بقدره، ضحك بعد سخريته ضحكات شيطانية وختمها بقوله أمزح، غلّف كل سخرية منه بتلك الكلمة وإذا ظهر عليّ أي علامات تشير بغير الرضا؛ يسألني: هل غضبت من المزاح؟ لم أعرف أنك بهذا القدر من التنكيد!
ابتسمت ابتسامة صفراء طوال الوقت حتى أمرضتني تلك الابتسامة، صعب علي كثيرًا الرد على المزاح وسط ضحك الجميع، لا زلت أذكر ذات مرة، كنت أتظاهر بأني لا أسمع شيئًا بينما أنقر القلم على الطاولة متفاديًا أصابعي، كانت أذني بينهم وهو يقول سخرية أخرى ضحك الجميع بقوة منها وحرص على أن يشاركني تلك السخرية ويتأكد أني سمعتها حتى لا تكون غيبة؛ فلربما في الاحتمالات غير المتناهية أكون في واحدةٌ منها غير راضٍ، رغم أن الجميع أخبروه أني يستحيل أن أضجر من مزاح، تقدم إليّ بينما غضبي كله منصب على نقرات القلم وتمثيل وجه اللا ملامح، حرصت أن أظهر كم أنا مشغول وفعلًا؛ لو كان هناك عداد لنقرات القلم دون خطأ لانفجر ولحصلت على المركز الأول.
بذلت جهدي معاهدًا نفسي ألا أبتسم ابتسامة صفراء مرة أخرى، ناداني بطريقة مستفزة وأكملت تجاهلي وكأن حياتي كلها ستعتمد على خسارتي أو ربحي في لعبة القلم، لم يحتمل تجاهلي فنقر على كتفي بشكل مستفز!!
أجبت:
ها!!، ماذا تريد؟ بينما لا أزال مركزًا على قلمي لم يحتمل تمثيلي الاستفزازي رغم أنه شعر بنشوة فرح صغيرة لنجاحه في إظهار جزء من غضبي لكن لم يستطع أن يعلق؛ كان لابد أن يتأكد أن الجميع يعرفون أني سمعت؛ لذا لابد أن يحوز على كل اهتمامي بينما يعيد كلماته ليثبت أنني غضوب لا أستحق الصحبة ولا مزاح الأصحاب.
سحب القلم فجأة من يدي! وكأنه سحب مفتاح قنبلة، لم أشعر بنفسي إلا وأنا أضربه بشكلٍ هيستيري!
لكمت وجهه وضربت رأسه بالأرض مرات متتالية؛ وكأن رأسه صخرة أرغب بتفتيتها!!
وانتهى بي الأمر في دار الملاحظة مع أناس سرقوا وقتلوا في عمر أصغر من عمر الجريمة، اشمأزت نفسي من السارقين وتعاطفت مع القتلة؛ أعرف شعورهم جيدًا لو لم يتم إيقافي لتفتت رأس صاحب الضحكات الشيطانية وتخلص العالم منه للأبد!
جمانه الفرّاج
Comments