عند حلول موعد أذان العصر، مضت نصف ساعة كأنها دهر، على سلطان المنتظر. يؤمن سلطان بأن الكون له لا لغيره مدين، و لكنه يتصرف بشكل عاقل و رزین. بعد بضع دقائق طوال، نادي موظف الاستقبال، على "سلطان ابن محمد ابن جلال". فوقف الأخير بهيئة ملكية، بعيون عسلية، مخبأة خلف إطار نظارته الذهبية، فحياه الموظف و قال له بكل عفوية "تفضل معي أخي، سأدلك على مكتب المقابلات الشخصية. فوصل سلطان و طرق الباب، و بجملة "حياك الله، تفضل" المدير إجاب، و ببشاشة وجه دخل وجلس بعد السلام و الترحاب. للمدير كان اللقاء جلسة حوار، و كان السلطان مرحلة اختبار، "يا بني تحدث عن نفسك بإيجاز"، "ما هي نقاط ضعفك، و بم تمتاز"، "أین ترى نفسك بعد خمس من السنين"، "وماذا يميزك عن سائر المتقدمين". أخذ سلطان بمدح نفسه بإسهاب، مبررا وآتيا بالحجج والأسباب، فما كان من المدير إلا أن يبدي الإعجاب، ولكنه بلا مبرر كان مرتاب، فقرر أن يخرج عن النص المعتاد، فقال له " انتهى النقاش والانتقاد، ولكن اسمح لي بطلب نصحك والإرشاد"، فرد سلطان بكل سرور "عند طلباتك اعتبرني دائما من الحضور"، فسأله "محتار أنا بينك وبين زميلتك ملاك، ما قولك؟ و لردك سرية ممنوعة من الانتهاك"، فنضح إناء سلطان بما فيه، وأخذ لكل سوء عندها يعطيه، ووصفها بالغرور والأنانية ووصف ذاته عن ذلك بالتنزيه، ثم انتهى بقوله أن غير سلطان في هذا المنصب لن يوفيه، فانتهت السلطان المقابلة، وودعه المدير ووعده بردود آجلة. رفض سلطان وقبلت ملاك، على رغم ما حدث لصورتها عند المدير من انتهاك، إلا أنه كان للمدير من الحكمة نصيب، فسؤاله الأخير كان يعطيه جوابا لكل مريب، لأن الشخص بسوئه أو بحسنه يستجيب، فملاك ذكرت لسلطان طيبه و لم تعيب، في حين أن الآخر كان يلعب رخيص الألاعيب.

فارس
Commentaires