يتوشح السواد، تضيء عيناه كلما لمح ذكرى قديمة بين حطام السفن، والردم، يبحث عمّا فقده، رغم أنه لا يعلم ماذا قد فقد؟! يرى انعكاسه بين الصخور التي حبست بعضًا من مياه البحر، والزجاج المهشم في كل مكان، على أمل أن يلمح طيفًا بين ملامحه المظلمة، أو طرف خيط لما هو مفقود.
ظل ساعيًا في البحث، مرت الأيام تتبعها أشهر، لم يجد سوى طرق مسدودة، وأخرى مفتوحة، لا نهاية لما يبحث عنه. تملّكه اليأس في مستودع قديم عندما فتح الخزنة ولم يجد شيئًا. ألقى جسده على السرير ووضع يده تحت الوسادة ليتخذ وضعية النوم المفضلة، أحس بشيء لامس أصابعه، يرفع الوسادة ليرى خريطة كتب عليها (اذهب هنا) أخذها مسرعًا ليتبع مسارها، إلى جزيرة بعيدة.
كانت صغيرة؛ بالكاد تحمل ذلك الكوخ الخشبي، طرق الباب عدة مرات دون إجابة، فتح الباب ليرى الكوخ في حالٍ جيدة على عكس كل ما مر به خلال رحلته، انتابه شعور لحظي بتكرار هذا المنظر في ذاكرته.
بدأ يبحث بين الرفوف والكتب، في كل درج وصندوق، حتى صعد إلى العلية ليجد مرسمًا ونافذة كبيرة تطل على البحر، بدأ يقلب الأوراق ويتأمل اللوح، حتى وصل إلى لوحة مغطاة بقطعة من القماش، أزالها ليرى انعكاسًا مناقضًا لنفسه، جسد يشع نورًا، ناصع البياض، انهار باكيًا ليعانق تلك اللوحة، ليعانق ذاته الضائعة.
شهد عبدالعزيز

Comments