كان رجلًا هزيلا رث المظهر، ولم أقدم على هذا إلا رغبةً مني بأن يكون رجلها بحق! كان صديقًا عزيزا بالرغم من ضعفه وأثرت على نفسي أن أنتهز كل فرصة مواتية لأقوي من عزيمته، وصل يومًا للجامعة أثناء اجتماعنا بلباس مهترئ كعادته لم يسرح شعره مثلنا ولم يزيّن مظهره بأي زينة، علقت على شعره الأشعث بمجرد وصوله تبسّم متظاهرًا بالتقبل فظهرت أسنانه البالية، فانهلت بمزيد من التعليقات عليه وعلى مظهره حتى امتزجت علامات الامتعاض بضحكته المصطنعة. نهرني فهد صديقنا المدّعي فلم أعره اهتمامًا حتى هاجمني!
"إن خالد صديقي ويتقبل مزاحي دوما فما شأنك؟"
تبسم خالد ووافقني على مضض فهو يعلم أن أي اظهار للامتعاض منه قد يكلفه فقدان صداقتنا، ولم يملك أصدقاء كثر، مضت السنين وعلاقتي بخالد لم تختلف كان ينقذني عندما أصبح مملا فنادرة هي المواقف التي أعلق فيها عليه ولا تضحك أفواه كل من يرافقنا.
أما خالد فكان يعود من كل اجتماع مع رفاقه منهكًا تَعِبًا وأضعف من المرة التي تسبقها، ااعتاد أن يسرح شوارع المدينة عائدا لشقته في صمت تام بلا موسيقى تؤنسه ولا إذاعة ترافقه، تهزمه الأفكار السوداوية في هواجسه الكئيبه كل مرة. لا علينا، كان خالد أستاذًا في المجاملة يضحك على كل ما يقال عليه وعلى غيره حتى باتت ضحكته المصطنعة من رموز سمراته برفقة أصدقائه، لم يسمعوا يومًا ضحكة خالد الحقيقية إن وجدت، ولا أظن خالدًا يعرفها أصلًا.
سعود الداود
Comments