منذ أن فقد والدي بصره على إثر حادثة عمل، لم أعد أطلب منه شيئًا، لكنه يُلح بالسؤال عما أحتاجه، وأكذب دائمًا بغية راحته، وحتى لا يُحرجه أصحاب المحلات، أو يؤذيه أحد الصبية، ولذلك دائمًا أُجيبه أنني أحتاجك بجانبي هنا في منزلنا.
ذات يوم هربت مني كذباتي حالما سمع والدي نقر أقلامي على الأوراق المستندة فوق الأرض، وفضحتني رائحة مرهم آلام الرقبة التي يعرفها والدي جيدًا، لأنه صادقها بسبب عمله الذي آلم رقبته وشوّه يديه وسرق عينيه.
صحوتُ ذات يوم على طاولةٍ جديدة، بخشب مُفعم بالدقة، بتفاصيل مزخرفة بعذوبة، لكنها بلونٍ برتقالي مضحك.
سمع والدي صوت ضحكاتي وأسرع في المجيء، حتى أنني سمعتُ لهاثه، وقال: "هل أعجبتك؟! حاولت العودة وصنعتها بيداي لأجلك، بلون الغزال الذي تُحبه، حرصتُ على أن يراه الجميع لأثق أنه بُني اللون، وجميعهم قالوا إنه بُني يا صالح، بُني تمامًا، بورك عملك!"
العنود العتيبي

Commenti