top of page
شعار مداد.png

عجوزٌ مجففة

من عجوزٍ في الخامسة والعشرين إلى عجوزٍ مثلها في الخامسة والعشرين، أنظر إليك يا فاطِمة عبر مرآتـي، تُنازعين فِكرة الموت في قعر الحياة، وتنازعينَ الحُرية داخل ثيابِ العبودية، تُنازعين الهرب داخل الوِحدة في اللُغة، داخل رأسِك الصامت وعيناك الساكنتينِ كمرآة.


أنظر إليك وقد وجدتُ فيكِ حربًا مُضرمة تُشبه حربي التي أوقِدها كل يوم تستيقظ فيه الشمس، قضيّتُنا مُشتركة، نلعنُ الدين النائم في العادات والتقاليد، المحبوك بأيدٍ جاهلة تنعمُ في جاهليةٍ مُتديّنة، ونرى الحياة أُمنيةً تخلو من الأدوية و قيود قوة أبي لهب الذي تعيش روحهُ في رأس كل ضعيفٍ حصل على السُلطة، نرى الحياةَ أُمنيةً تخلو من رغباتِ الموت وأجزائنا التي دفناها بأيدينا في ضريح الذكريـات, يتيمةَ الأجزاء مُترامية الشعور.


كِلانا قابلتان للإدانة على هذا الرأس الذي يبتلع الأكسجين غير شاكرٍ لمضيّ الحياة وحسب -كما يُقال على أسماعنا دومًا- ورُغم صمتِك إلا أنني أسمع صوتك في عقلي، وفي لُغة روحي، هاربتانِ من قلوب البشر، من رؤوسهم وآمالهم، حُريتنا الوحيدة، نتنفسُ الحياة داخل الكلمات المكتوبة، التي تنساب على استحياء لتُخبر الجميع عنّا.


أُخبرك يا فاطمة كما أُسلي نفسي في صبرها أن هناك سبيلًا آخر للحياة غير الموت، وأن الخالق يرى تلك النفس تقف على مشارف الجنونِ من حُزنٍها الجازع ليلتقطها قبل أن تهوي، كما أن اليوم الذي ستُشرقين فيه ونشرق معًا قريبٌ جدًا، قريب كما نرقب موعد الفجر.


شمسُ منتصفِ الليّل



٣٩ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل

مشاعر

تعليقات


bottom of page