
اعتدت المرور بهذا المكان، أتأمل زواياه وأرمق تصدع جدرانه التي تصرخ مرددة انفعالات غضب ذلك الرجل، وتلك الصورة المعلقة التي تميل أكثر في كل مرة أراها وكأنها تغرق رافعةً الراية البيضاء، لم أجرؤ بعد على الاقتراب من تلك الطاولة التي تحمل بعثرة مشاعرهم وكؤوس نص ممتلئة وكتب مهجورة، رتابة شعوري تعيدني دائمًا إلى ذلك الزمان والمكان، 1967 غرفة الشك.
اليوم، تآكلت تلك الغرفة، لا وجود لها، وكأن الأرض ابتلعتها ولم تترك منها شيء سوى رائحة الشكوك التي تعج في طريقها، اليوم تهدينا العلوم وسيلة لننقذ بها أنفسنا ولنحسن ظنوننا بالآخرين، وسيلة تميت جذور الشك وتقف أمام سارقين الود، أتخيل لو أن آلة المشاعر كانت على طاولة غرفة الشك، لما احتاج ذلك الرجل الذي يتأجج غضبًا ويشعل النيران سخطًا، لانقشع سواد ظنونه ولعرف أنها تفيض بالبراءة.. دائمًا ما تسرق مني الخيالات ساعات من الزمن، أشعر بأن قدماي تورمت من الوقوف.. حان وقت العودة.
- عذرًا سيدتي، هل تنوين شراء هذه الأرض؟
- هل تعرف صاحبها؟
- أنا صاحبها وأحاول بيعها منذ 10 سنوات، سأخفض قيمتها للنصف إذا عزمت على شرائها
- يبدو أنها جالبة للشؤم! وتريد التخلص منها بأسرع وقت
- إنها لجدي، وقد ورثتها منه، لقد تمسك بتلك الغرفة الصغيرة طيلة حياته حتى أنني أشعر انه لا زال متمسكًا فيها بعد مماته!
- دعني أفكر في الأمر، وسأعود حتمًا في القريب العاجل
بداية جديدة، ترسمها الأقدار لتلك الأرض، متجر صغير لآلات المشاعر، يرتاد على متجري عشرات الأشخاص يوميًا، لا أدري ما الذي سيجعلني أكثر سعادة من بيع الحب والتفاهم، وأخيرًا غادرت الشكوك أرجاء المدينة.
الجوهرة المطيري
Comments