أتُهجر ديار، أرهقها البكاء لفقد ساكنيها؟
أتُهجر! وقد رُهنت بقلوبٍ جُرّت بسيل أشواقٍ إلى عبق ماضيها؟
* * *
على أطلال تلك الديار، تقف صاحبة القلب المرتهن
فأبرقت تلك الديار بقدومها لومًا، وأرعدت
فأمطرت أجفان ذاك القلب حزنًا..
وكأنها تنظر من وراءِ زجاجة بماء الصبابة،
ولسان حالها يقول:
وإن عادت لنا الديار، فمن يعيد لنا أرواحها
ولمن تُصاغ حكاية الذكرى؟ لمن!
* * *
- أيا تلك الديار!
ما دهاكِ؟ لم يعد يُسمع لك إلا آهة الشاكي
إن كان يغلب ظنك الهجران، أو أحرقت أوراق عهدنا الأيام
فلم يجف لي مدمع بعد بينك! ولم أنعم بدفءٍ بعد حضنك..
ولكن هي الأقدار حالت بيننا
فلمن أرتجي عفوك، وهل إلى عفوك من سبيل؟
- أيا راحلين خلف أهوائهم
لا تسألوا عن جوابي.. فهو يولد من سؤالكم!
الشوق لأهل الدار أتعبني.. ومن لي بأيام تدوم على العهد؟
لا تهجروني! واستذكروا توقي.. أول أنفاس الفجر
أحيوا ثكالى روضتي بالوصل..
وخذي سلامي لباقي أهل الدار أمانة
واذكروني..
* * *
تغيب شمس الديار من ذلك النعيم الماضي، مبقية قلبها رهينة، محملة بذكريات، ووديعة نزيهة، لتعود نحو البداية: بداية الشقاء الحاضر..
نوف المبدل

Comments