مؤسفٌ عدم استطاعتي جعل هذا العالم مرئياً إلا من خلال وصفي الخاص له، فهو يحتمل تأثره بأفكاري ورؤاي الخاصة، وتلطخه بقناعاتي كبقع عنيدة لا تُزال ولذلك؛ فالصورة التي تتكون لك الآن قد تبدو مختلفة قليلاً -او كثيراً- عما هي في الواقع.
عالمٌ يبدو طبيعياً جداً، المخلوقات والتضاريس ذاتها، حداثة معتادة وآثارٌ مألوفة، ولكن هدوءاً غريباً يغشى جو المكان هنا، ترى اختلافاً لا تستطيع تمييزه في سعي الناس، يبدون طبيعيين ولكن ثمة ما هو منطفئ داخلهم. هكذا بدا عالم اللاتوقعات، يحكمه الرضى، قبول مطبق، لا تعصبٌ ولا إيمانٌ ولا مُعتقد، عالمٌ بسيط من الرضى. لا وجود لمعنى الرفض أو الأمل. ألا آمل لشيء أن يحدث، هو أن أؤمن أن كل حدثٍ مقبولٌ وقوعه، مهما بدت غرابته وانعدام عدالته ومنطقيته، فلا وجود لما نقارنه به لنميز مدى ظلمه وتعاسته، لا وجود لمصدرٍ يؤجج الغضب، فلا رفض يخالجهم، يقبلون كل شيء برضىً تام.
عالمٌ محسن، نسخة مطورة تضمن نهاية لجنونٍ منبعه العقل، احتمالٌ من عشرات الاحتمالات، حبة خردل، ذَرّة، لَبِنةٌ متناهية الصغر، عالمٌ من عوالم لا نهائية من الاحتمالات هو هذا، أتشعر بالشفقة؟ ليس عليك بالضرورة، فقد تكون أيضاً تعيش داخل أحد هذه الاحتمالات، لا دليل بحوزتك يؤكد كون عالمك هو الأساس، وما سواه احتمال.
سديم الراجحي
Comments