top of page
شعار مداد.png

كعكة الحرية

في قرية من القرى الاستثنائية، وفي أحد لياليها الدافئة المظلمة، وُلدت فتاة لأسرة عادية جدًا، كان بروتكول قرية "عس" ينص على حياكة أطراف الفتاة مع روشتة لحلمها وطموحها المقرر من قِبل الرئاسة الكبرى-الأب-.

ولدت سارة بتلك الأطراف التي تعمل بكل جهد لتنفيذ الحكم الصادر من الرئاسة الكبرى، ولكن قلبها دَمَسَ رغبتها الخفية بالحب، وأن تخرج لعالمٍ آخر تنتمي له بداخلها، وكل تلك الأصوات سكة الحديد وقاطع التذاكر وعقوق الرئاسة الكبرى والخطة الفاشلة تدور في قناتها السمعية وتمر على شبكيتها، الخوف الناجم عن كل قصص الفتيات الراحلات قيدها وأطرافها القصيرة منعتها .. قرر كل من في العائلة أن يختار لها شريك حياتها وحبها الأزلي ومشاعرها التي يجب أن تمنحها لهذا الشريك الملغم، عندها نظرت للهروب من ومضاتها الكهروعصبية وركضت مسافة ألف ميل وهي تصرخ بجنون بين أشجار دماغها السحرية وكادت تمزق أطرافها بتلك الأسلاك الرقيقة المسننة .. هدأت أخيرًا لتختار الرحيل.

وفي ليلة شبيهة بليلة حياكة أعضائها مع الروشتة .. ليلة دافئة ومظلمة، حزمت أغراضها وخبأت الرغبة في جيوب البطين الأيمن وتوجهت إلى السكة، نجحت أخيرًا في تجاوز الجميع وتجاوز نصف الطريق .. تنظر لقريتها بانتصار، لم تبكي أبدًا على حياتها السابقة، ولم تتذكر سوى لحظات الألم وتتطلع طوال الطريق للحظات السعادة التي ستتجرعها عند النجاح، وبعد شوط واضح من هذا الطريق الملغم بالمخاوف قررت الذهاب لتخفف أصوات معدتها المشبوهة ..

حتى وجدته أمامها، يراقبها بكل هدوء، يراقب فرحتها وكأنه يفسح لها الطريق كأمنية أخيرة تود تحقيقها.

انتهى بها الحال مدفونة في قرية عس ممزقة الأشلاء وبسمعةٍ محطمة الآمال.

هل هذا مآل كل فتاة تبحث عن رغبتها الدامسة في قرية عس؟

أتعلم أتمنى الهروب ليس لأجل الحب ولكن لأجل الحياة !

أشعر أني محنطة هنا وملتصقة بالجدران وهذه الأرض القاحلة تموت فيها جذوري .. أحلم أن أهرب لمكانٍ يجوز أن أشارك به ويجوز أن أعادي الظلم فيه وأن أصرخ في وجه الخوف والقتل والفساد ويجوز أن أتذوق فيها قطعة من كعكة الحرية قبل أن تنفذ.


ميلاد.ف


١٤ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل
مشاعر

مشاعر

Comments


تم الأشتراك في القائمة البريدية

  • Twitter

جميع الحقوق محفوظة لمبادرة "مِدَاد" 2020

bottom of page