كيف لو كانت الحياة صفوا بلا كدر؟
- cwksu
- 29 سبتمبر 2020
- 2 دقائق قراءة
كيف لو كانت الحياة صفوا بلا كدر! هل سنكون سعداء؟
سارة؛ لأجلك خلعتُ كل فكرة كدّرت خاطري، أو لا زالت تكدّر النفس، حتى أرى، ولو لحظة، هل أشعر بالسعادة؟ لكنّ القلب لم يعرف أهو في سعادة فعلية أم أن شبه السعادة هو ما نشعر به في هذه الدنيا!
لذلك أنفق تلك الكلمات لعلها تترفق بقلبٍ لم ير الرفق رفيقا لهذه الحياة، وأجعل القلم يتدفق ويدق أبواب الجواب بحذر.
إنه، يا سارة، لا يعرفُ النعمة إلا من مرتّ به الشقوة، وكدرت عليه نقمة؛ لا يُختبر الشيء ويعرف فضله أكثر إلا إن قُرن بالضد.
وإنه لا يعرف النور وشكره من لم يعرف الليل وسُكره.. ومن لا يعرف مذهب الليل في تغّيبه لأشياء أخضلّ لها الفؤاد فأجدب بعد أن غابت عنه وهو فيها .
نحن نعرف الحزن أكثر ونتظاهر بأننا نخبُر السعادة؛ نحن بين غائب لا يُعلم وماضٍ يعلّم طريق الحاضر ولا يحضر ثانية ولو لثانية لنمعن فيه التأمل؛ قد قبض عليه النسيان قبضًّا بلا رحمة؛ وقطع وريد الذاكرة لتبقى نوافذ الذكريات
متخضبة دما.
نرى بعض الذكريات ولا نرى البعض، ولو أننا نتذكر كل ما مضى لغدت حياتنا أكثر جمالا! نعم أكثر جمالا؛ فالسيئ منها يقارن بما صفى فيستحسن الحاضر ولو لم نكن فيه ذو حظ عظيم. والجيد لا بدّ أن يوردنا إلى الرضا، والرضا أشد تغريبا وتقريبا للإنسان عن ومن نفسه. وهو أغذى أملا، والرضا أجدر بأن يعطي ولا يأخذ، أما السعادة تعطي وفي الوقت نفسه تسلب قلبك وتأسر عقلك!
أما بشأن الانتقام قتلا أو تعذيبا فأنا أتعذّب عذابا أليما شديدا حينما أسكب الكلمات ماءً حارقا على وجه المرسل إليه، ولكني، يا سارة، سأجيب عن سؤالك الذي قال :
كيف يستطيع المرء أن يعذب غيره ؟
يستطيع المرء أن يعذّب غيره بأن يطوقه بالإحسان، ولو أغرقته إساءته: إساءة تقديرك، وإساءة التصرف معك. أحكم وثاقهُ بالإحسان ثم اهجره هجرا لا بداعي الكره إنما بداعي أن يحرّك عقلا شتيتا؛ يتحرك ليجمع ركابه، ويحزم أمره راضيا ماضيا في طريق العثور على الذي ما كانت له مسافات إلا لتنأى به عنه لا أن تقربه إليه زلفى.
لا تقتل ألف مرة من أحياك مرة بما سبق ذكره، أنهى عن أمرٍ كتبتُه وانتهى، نعم، لأن للسائل حقُ أن يُجاب. لا تقتله؛ ما كان ذلك "الغير" إلا نورا، فلو كان النور يخرج من النفس لاستحال الظل الظهور، تكون خفيف الظل إذا بعُد الضياء عن الجسم، ولو انبلج النور من النفس لاحترقنا سنينا حتى نكتب مثل الذي كتبنا عندما أضاءنا به ذلك "الغير" يوما!

عائشة الريس
Comments