
لا أنتمي لهم، أنا شخصية مختلفة ولكن لماذا؟ لماذا لا أستطيع أن أكون شبيهة بالجميع لينتهي كل هذا العذاب؟ ...
كانت هذه الكلمات التي خطتها سمر في مذكراتها، لتعبر عن بداية فترة عزلة جديدة لتلك الطفلة التي لم تتجاوز سن الخامسة عشر من العمر، تصف أحداث ذلك اليوم الذي قررت فيه مجموعة أخرى من الفتيات أن يتخلوا عنها لأنها فقط لا تشبه الجميع، كانت تكتب بكل ما أوتيت من قوة وتمسح دموعها المنهمرة، تتساءل عن السبب وعن طريق الخلاص من هذا الرفض المستمر...
تمسك بهاتفها الذكي وتتصفح الانترنت بحثاً عن وسائل تساعدها في كسب أصدقاءٍ جدد، ولكنها تتوقف فجأة في لحظة وعي منها أنها تمارس هذا الأمر منذ أربعة أعوام ولكنه لا يجدي نفعاً، مهما حاولت أن أكون مثلهم سأظل مختلفة اللعنة على التقنية، لماذا أحبها وانغمس في كل تفاصيلها بينما ينظر الجميع لها كأمر يقتصر على الذكور – قالت سمر-، سرحت مع أفكارها وهي تجوب عالم الانترنت، حتى وقعت عينها على أحد المقالات بعنوان: "مستقبل الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية"، دفعها الفضول لتصفح هذا المقال وقراءته، وهو بدوره قادها لمجتمع تقني افتراضي، قامت بالتسجيل وبدأت تشارك في النقاشات المختلفة، كان هذا الأمر يهون عليها شعورها بالعزلة في المدرسة، فهي تعرف أن الكثير من النقاشات الرائعة تنتظرها ما إن تعود للمنزل...
كبرت سمر وهي تتعايش مع اختلافها وعزلتها، تعيش حياتها بدون أصدقاء تشاركهم تفاصيل يومها، كل ما لديها هو الكثير من النقاشات والمعلومات حول الأمور التقنية، استمر هذا الأمر طويلاً حتى التحقت سمر بالجامعة، وقررت أن تنخرط في مجال دراسة الذكاء الاصطناعي، لم يكن لديها الوقت أو الرغبة في تكوين علاقات مع الآخرين، لقد اكتفت من كل ذلك الرفض التي تعرضت له في طفولتها، كانت تصب كل تركزيها على الدراسة والتعلم...
في يوم من الأيام صادفت سمر إعلان مسابقة للابتكارات التقنية، كانت المسابقة تتمحور حول إيجاد أي مشكلة وابتكار حلٍ تقني لها، لم تتردد سمر في المشاركة وقامت بالتسجيل فوراً، اختارت أن تعمل على مشكلة العزلة التي يعاني منها الطلاب عندما يكونون مختلفين عن أقرانهم، وقامت بالاستفادة من كل المعلومات التي لديها حول الذكاء الاصطناعي، لتبتكر برنامجاً يعمل على أنه صديق افتراضي، يستخدم مكتبات البيانات الموجودة في الانترنت ويقوم بتشكيل شخصيته بشكل عشوائي، يتعرف على المستخدم من خلال النقاشات والحوارات حتى يصبحوا أصدقاء...
شاركت سمر بهذا الابتكار، واخبرت الحكام عن سبب اختيارها للعمل على هذا المشروع، نظراً لما عانته في طفولتها، فازت بالمركز الأول، وساهم ابتكارها في تغيير حياة الكثيرين حول العالم والتقليل من حالات الانتحار...
حتى أولئك الذين يعتبرهم أقرانهم مُختلفون، بدئوا يشعرون بأنهم مميزون...
سماح بالحمر