صعدت أعلى السلالم لغرفة التخزين في العلية المهجورة، أرسلتني أمي للبحث عن كرسي جدي القديم، قبلت ذلك مضطراً لتلافي سحبي في إعصارها المحتمل، كانت أكوام الغبار تغطي المكان، كيف لنا أن نعيش حداثة زائفة متوقعين أن تتوقف الصحراء عن كونها صحراءً لمجرد استيرادنا لحياة أخرى؟ تجاوزت صناديق الملابس القديمة المتكدسة أمام الباب كحاجزٍ إضافي، الملاءات المهترئة وفردة الحذاء المرمية توحي بعشوائية شديدة. كان الكرسي في أبعد نقطة في الغرفة، مررت بمحاذاة النافذة ولمحت الأفق البنفسجي، يالهذا التدرج الآسر للغروب، بنفسجي زهري سماوي، أتذكر بأنني أحببت الخروج للأعلى سابقاً ومراقبة هذا الغروب الاستثنائي من سطح منزلنا، كنت أشعر بأنني أمتلك سراً عظيماً أخفيه فوق رؤوس الجميع. لا أعلم متى نسيت ذلك وتوقفت عن الصعود هنا، أتذكر بأن عنقي آلمني ذات يومٍ لطول ما راقبت السماء، يومها كنت عائداً مثقلاً بفكرة عميقة أنهكتني، لا تزال تحاصرني حتى الآن، يوم أدركت أن نظرتي الشاملة والمسيطرة على من حولي لم تكن بتلك الجودة التي ظننتها، وأن الكثير من التفلتات قد حدثت وتطاولت حتى طالت عنقي، أن جوفي الذي أسكنته الأمان قد أحيط بكل ما قد ينزعه منه ولم أعي ذلك حتى، كرهت ثقتي الساذجة بنفسي وعماها الصارخ، يا إلهي! لا أريد تذكر ذلك حتى.
سديم الراجحي
Comments