ما مضَى فاتَ والمُؤمّلُ غيبٌ ولكَ الساعةُ التي أنتَ فيهَا
قال لي ما معناه:
" أغبط من عنده القدرة على فصل اللحظة الحاضرة عن الماضي والمستقبل، فيعيشها كما هي"
أما أنا فأرى أن الاستغراق في الحاضر هي لحظات معينة، وغالباً تكون في الرياضات السريعة؛ قفز- مباراة جماعية، ركوب خيل...إلخ
لكن اللحظة هذه هي النعيم الحقيقي، فلا ماضٍ يُؤسَفُ عليه (وكل ماضٍ فيه أسف، إما على شرّ وقع، أو خير لم يُستزَد منه) ولا مُستقبل يُتَوجّس منه! (فهو مجهول لا يدرى أخيرٌ أم شر)
فقلت له: لكن أهل النظرة الحاضرة يعانون أيضاً إذا ضاق بهم حاضرهم، فلا ماضياً سعيداً يتذكرونه، ولا مستقبلاً أفضل يرجونه!
فقال لي: فعلاً؛ ماذا عن الماضي؟ أتذكُّره مُؤسٍ دائماً؟
قلت: ليس بالضرورة، فمن يضيق حاضره ويضيق مستقبله، ليس له إلا كُوّة الماضي يُطلّ عليها فيعيش في ذلك الوهم، ويهرب من كل ما يوقظه منه!
فقال: لكن ألا ترى أن هذا حل مؤقت، وهو هروب من المواجهة، وهو سوء ظن بالله، والمؤمن حسنُ الظنّ به؟
قلت: صدقت
إذن أي الأوقات يُعاش؟
قلت: الماضي يُتأمل فقط لاستخلاص العبر وتصحيح المسار، والمستقبل وقودُ السعي، ولولاه لسقط كل من فُجع بمصيبة، فهو الأمل، هو النور آخر النفق أما ما يُعاش فهو الحاضر، لا منفكاً عن ماضٍ ولا مستقبل، فما الحاضر إلا نتيجةُ الماضي، وطريقُ المستقبل، وبهِ يصنع الأثر.
انتهى كلامهما.
عبد الرحمن الشنقيطي
Comments