في عام ١٩٢٧ صاغ العالم فيرنر هايزنبرغ مبدأً فيزيائياً ينص على عدم إمكانية قياس خاصيتين في حالة كمومية بدقة متناهية، أي إن قياس إحدى الخواص بدقة يؤثر على دقة قياس الخاصية الأخرى، قد تتخذ نظريته الفيزيائية هذه البعد الفلسفي الذي تراكض الكلمات بحثاً عنه، وهو ألا مجال لإدراك ويقين تام.
مبدأ الشك في الاعتقاد هو أن تتخذ في حياتك قاعدة ألا تؤمن، لأن الإيمان يؤجج الأخطاء ويدفعك لارتكابها، لأنك مهما بلغت من المعرفة فالإيمان يحتم عليك أن تسير على نهج واحد تقبل ما يقبله وترفض مالا يتماشى معه. عدم الإيمان يؤدي إلى عدم الأمان؛ لأن الأمان يتلخص بركنٍ تستريح إليه دائما ويمنحك السكينة والثقة وهذا مالا يفعله الشك، وينسفه عدم الايمان. نقف الآن متحيرين، أنؤمن أم لا نؤمن؟ أحب أن أترك للقارئ دائماً حرية الاستنتاج، ولكنني أملك عبارة تغريني لكتابتها، صغتها يوماً ونشرتها: "تبنّي شيئاً أيا كان -عدا النصوص القرآنية والاحاديث الشريفة- والتعصب لأجله ما هو إلا غباء محض، دع دائماً مجالاً للشك." مهما تمادى الإنسان في ضياعه المقدس، والذي يخبره دائماً بأنه غير قابلٍ للخداع لأنه لا يؤمن أبداً، إلا أن ضياعه يرميه في وحدة شاهقة العمق، هذه هي خدعة الضياع المقدس، حيث يقهقه بشر مطلق على المتذاكين الغارقين في ضياع شكوكهم، تتساءل من أين لي هذا اليقين؟ أنا مؤمنة بالله فقط.
سديم الراجحي
Comments