من الباحثِ عن الأسرار.
إلى: كلِّ من يملك روحًا على هذه الحياة.
*يلزمكم جميعًا البوح بكل ما تعرفون من أسرار، وحيوات سرية، وأي أمور لا يعرفها أحد منذ الآن وحتى الساعة السادسة من عام ٢٠٢٢، وستتم إبادة من لا يُعرف عنه شيء.
إلى الباحث عن الأسرار:
الحياةُ طرق، وليست كلُّ الطرقِ تحتمل ذاتَ الأشخاص، ولا كل الطرقِ تحتمل الأفكار نفسها؛ لذا فإننا لن نتمكن من البقاءِ فيها بالوجهِ نفسه. كل الأشياءِ حولنا تُطالبنا أن نكون حياةً مكشوفة، ليس فيها شيءٌ مخفي، ونحن نقاوم، فهل بعد هذا نستطيعُ ضمان حياةٍ خاصةٍ لأنفسنا؟
لديَّ فضول، هل اعترف الجميعُ بأسرارهم؟ أم أنهم ماتوا بسرِّيةٍ تامة؟
إلى الباحث عن الأسرار:
من ملجأِ الأسرارِ الذي تأملُ زيارته أكتبُ الآن، بحثًا عن تلك الحياةِ السريةِ التي تظنُّ أنها موجودة، أو أنها شيءٌ خفيٌ عنك وعن الآخرين، بحثتُ كثيرًا، نقبتُ أكثر، حتى أن صوتِي شابه أصواتَ مفتشي الأسرار، قسوتُ، أجبرتُ نفسي على الكتابة، واجهتُ إلَّا أنني كلما وجدتُ خيطًا إليها اضمحلَّت، وتلاشت، أو تخفَّت. أثبتُ فشلي الذريع لأجعل مني شيئًا واضحًا لك، أثبتُّ فشلي في انتزاعِ حق المقاومةِ من نفسي، مقاومة فضول الآخرين. ولكن، اطمئن، كلُّ ما وجدته لم يكن يعنيك، أو ليفيدك بشيء، فلمَ تظنُّ أني أخفي شيئًا ما؟
لم تصرُّ على الجميع بالاعتراف؟ منذ عامين وأنت ترسلُ إلينا، تطالبنا بمعرفةِ كلِّ ما يخفى في ملاجئِ الأرواح في داخلِ كلِّ إنسان، فهل تستمتع بقراءةِ الأسرارِ؟ أم أنه إحساسُ النصرِ على الحياة؟ على فكرةِ أن الإنسان لا يستطيع معرفةَ ما لم يُنطق به؟ فتأتي بكلِّ بساطةٍ مطالبًا العالم تنقيب ذواتهم، لإرسالِ كلِّ ما فيها لبريدك الخاص؟
الأفكارُ تحمي نفسها، وتتفلتُ مني، لم تعد تثقُ بي منذُ فكرتُ بالردِّ عليك، أنتَ ثق بي، لم أجد شيئًا سريًّا!
ما زال أمامي وقت، لكنك صرتَ تزورني كثيرًا، منظرُ الإبادةِ لأجلِ لا شيءٍ بدأ يثيرُ رعبي، قرأتُ ردك لي بالأمس، كنتَ تُصر أنني مذنبة إذا لم أعترف، ثم جئتَ بالمفتشين، والمنقبين، وكنتُ أنا أختبئُ في الملجأ، وأحتفظ بفكرة السر! في الحقيقةِ، لم تكن موجودًا، رسالتكَ لم تصل بعد، ولم يكن هناكَ أسرارٌ بعد الآن.
سأطلعك على سرٍّ واحد. لم أجد في ملجئي إلَّا مجرد إنسان، يطلبُ حقَّ البقاءِ وحيدًا، وجدتُ فيه الحياة، والناس، وطرقٌ شتى، لستُ أذكرُ تفاصيلها تحديدًا. فلا تأسَ على كلِّ هذا الخفاء.
الشيماء آل فائع
ياه جميلة جدًا و متكاملة ❤