
بلغت من العمر سنين طوال، ومضى منها النصف..
بالأمس تأملت شريط حياتي مسترجعاً أيامه في جلسة تفكيرية مطولة، كانت حياة تغلبها الرتابة، مشوهة بالتشابه. لتوي أدركت أنها حياة انتزعت منها مظاهر الحياة، كيف لا وهي خالية من المغامرة كما تقول هيلن كيلر (الحياة إما مغامرة جريئة أو لا شيء).
كل ما أريده الآن هو بعض المال لبدء مغامرة جديدة، كرحلة في الأدغال أو ما شابه، لكن من أين لي وقيمة أي شي كاللهيب ومرور الأيام حطب له.
خلال هذا التأمل هاتفني رفيقي مهند ولاحظ نبرتي المحبطة.
سألني: ما بال الصاحب؟
أجبته بنبرة يائسة: مللت وتيرة العيش، أريد تجربة شيء مثير، أريد أن يصل الأدرينالين أعلى مستوياته.
رد علي: وما المانع؟
قلت: كيف لي والأساس مفقود، ويكاد يكفي أولوياتي.
رد: ألم تسمع بسوق القطع المستعملة؟ فتش عما زاد عليك واجعله عائداً لك.
أجبته ببرود: كل ما عندي بانت عليه علامات التجاعيد، لا ينفع حتى للصدقة!
قال مهند: يبدو أنك مازلت في عام ٢٠٢٠ ولم يصلك اختراع (مُحاط بالتجارة) أين كنت؟
أجبت باستغراب: بالله عليك أخبرني ما هذا الاختراع!
رد علي بحماس: هذه آلة تعدت فكرة السوق المستعمل، أي شيء يقع عليه ناظرك في منزلك صالح للربح، فقط ادخل القطعة من خلال الآلة حتى وان كانت خردة فهو بدوره يقدر القيمة الخام خلال ١٠ دقائق ومن الطرف الأخير تخرج قيمته نقداً. اسمح لي أن أقول بأنه أكثر اختراع مبهر عرفته البشرية.
بعد لحظات من الصمت: يا رجل! أين أجد هذا الاختراع؟
أجابني: حسناً لم يشتهر هذا الاختراع كثيرا، وله محطة في كل دولة. سأرسل لك وصفه حالاً على هاتفك.
قلت مبتسماً بعد أن تجمعت دموع الفرح في عيني: أحبك يا فتى، إلى اللقاء.
تركته من دون حتى أن أسمع رده.
رحت أركض لأجمع خردتي أو بالأصح ثروتي في شاحنة لأنطلق صباحاً.
وفعلاً انطلقت ودقات قلبي تتسارع، لم أنفك عن التفكير عن كمية الأنشطة والرحلات التي سأقوم بها، عن شعور المغامرة والمرح والحياة. شعرت به من الآن.
ستتساءلون عمّا فعلت، أولاً ذهبت إلى رحلة أدغال أفريقية، قمت بنشاطات عدة وحظيت ببعض الرفاهية وسرت في دمي حياة.
أما عن منزلي فأصبح كشقة شبه مفروشة. الأهم أن أساسياته لدي طالما أصبح لدي ثروة. خبأتها لهكذا مغامرات، للحظات تذكر .
هتون بن قاسم
Opmerkingen