هكذا أنا، لا يربُطني بهذا العالم إلا مجرد اسم مطبوع على بطاقتي، ولكن الاسم ليس كافياً لأكون إنسانة لها كيان ووُجود وروحاً أيضاً.. وجدتُ نفسي فجأة تحت ظلّهِ، وفي بيته، كأنّنِي بالسابق كُنت بلا وعي مني!! لا أعرف كيف مرت الأيام وكيف ومتى وافقتُ على هذه الزيجة دون أدنى رغبة بالزواج، ولم أعِ بنفسي إلَّا وأنا زوجة المُستشار خالد ... لربما تصورتُ نفسي بمكان غير هذا المكان وظرفٍ غير هذا الظرف وسأعيشُ عيشة أخرى غير هذه العيشة ... وُجودي وعدمه سواءْ، لا يأبه زوجي المستشار بأيِّ كلمة أقولها ولا أيّ شعور أشعر به، علمتُ بعد فترة بأنه أُرغم على الزواج بي لسبب جهلته في البداية، دائماً ما كنتُ أراه شاردَ الذّهن وغارقا بدوامة أفكاره، أحاول التّقرب والتَّودد منه ولكنه يتعامل معي كأني لستُ موجودة ، لدرجة جعلتني أشعر بأني شبح يسكن هذا البيت!! أراه يدخُل فلا يُطلق السلام عليّ، ينامُ بِجانبي ليلاً ولا يُتعب نفسه حتى بالنظر نحوي ، أُجهز الفطور وَيراه ولكنّه يدخل للمطبخ ويُعّد فطوره بنفسه، تكرر أفعاله جَعلني أكره نفسي وأكرهه، أقف أمامه ويتجاهلني ببساطة، أحببتُ الخروج من المنزل أكثر وأنا التّي لا تخرج إلا للمناسبات الضرورية فقط، حتى أشعر بأني حيّة وبأني روح موجودة، رُوحي المرحة فقدتها معه، ابتسامتي غادرتني ونبض قلبي أصبح أكثر هدوءا وانضباطا في حضرته ، ازداد الأمر سوءاً ولم أعد احتمل، قررتُ مواجهته لكنّه تجاهلني كالعادة، بحثتُ في مكتبه وبينَ أغراضه لعليّ أجد السّبب ووجدتهُ ورقَّ قلبي قليلا اتجاهه، مر بظرفٍ صعب في السابق، أحبَّ فتاة بشدة كما يبدو وحارب الجميع مِن أجلها وبعد عناءْ قبلوا بِها زوجةٍ لحظرته ولكن القدر لم يشأ أن يجمعهُما وماتت في حادث سير أليم ليلة زفافهمْ، دَخل إثر ذلك في حالة اكتئاب صعبة وتطلّب منه الرجوع لما كان عليه وقتاً طويلاً، وبعد إصرار من أهله تزوج بِي ليرتاح من إلحاحِهم فقط، ظلٌ وفيّا لها وتعامل معي كأني غير موجودة، ربما خاف أن يتعلق بي، أو ربما احترق قلبه وأصبح رماداً ولا يقوى على حبٍ جديد، ولكن بالرغم من ذَلك كان عليه أنْ يُعاملني كأنّي موجودة على الأقل، أن يُحسسني بوجودي فقط ولا يتعامل معي كأنِّي شبح غير موجود ..
وسق الأزهري
Comentários