top of page
شعار مداد.png

هو وفراغه

دقّت دندناتٌ لعيناتٌ سندانه، فإذا به يفكّر:

"أريد أن أغفو على همسِ الحياة، وأن تُذيب قبّرةُ الصباح حشرجة آمالي، أريد أن تسيلَ العَبرةُ من مقلتي ضاحكةً مستبشرة بأن الغدَ سيصبحُ من أيّامي. أريد أن أطفو فوق بحر أحلامي وأنا أعلمُ أنّ أعماقي تفيضُ لؤلؤًا سيلثمُ الفجر إنْ أقبل، وأن أتبخّرَ لأرتقي فيحكي لي الأفق المخضّبُ أنّي لم أجفَّ بعد، وأنّي سأعود للثرى غيثًا، بأن الشمسَ ستلحظُني لأنّي لم أعد شفّافًا، ولن تتخطاني أشعتها ساحبةً معها ذرّات السعادة التي قامت سنيّ بحصدها؛ سنيّ التي بكت على فراقي، وسنيّ التي خشيت أن تأتي فتضيع حياتُها بين دموع وخوف.

وضعت أنا بين ما أنا عليه وما أنا أريد... ضعتُ بين هنيهات الآن وقبل لحظات من الآن، حين لم أكن سوى حيّزٍ من فراغ، وسط عالمٍ من الفراغات... لا شيء يملأ فراغي كما لم يملأ فراغ العالم شيءٌ قطّ، أو أنّي لم أرغب أن أملأ فراغي، كما أبقى هذا العالم على كثيرٍ من الفراغات الفارغة.

آهٍ منّي ومن قلبي ومن فراغي الذي كنت أعشقه من فراغ، وتبًّا لتلك الدندنات اللعينات اللاتي عثنَ في عقلي فسادًا، وراودنَ نفسي عن نفسي وفراغي عن فراغي فبات يشكُّ هو حتّى في وجوده...

خفت أن أشكّ أنا في وجودي وأن أثور على فراغي! ما العمل؟ هل عليّ إسكاتها؟ ولكن ذلك لن يطفئ نار الغضب الذي لاحت في قلبي الصامت.

فإذا برغبةٍ في الانتقام يسرّها قلبي لي، لقد أراد أن ينتقم منهن وأن يثأر لنفسي ولفراغي...

استمعتُ لما أملاه قلبي، فأعدتُ المقطوعة إلى بدايتها وشغّلتُها في الوقت ذاته بجهازٍ آخر، لأجعلها تنصتُ لنفسها، فتضلّ هي الأخرى طريقها نحو نفسها، علّها تدرك ما فعلته بي عندما تفعله بنفسها، فتخجلَ وتصمت!

وأعود أنا إلى نفسي وفراغي."


عفراء الزعبي


١٣ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل

مشاعر

Comments


bottom of page