شجرة
على ماء تحية ووداع، ضوء وظلمة، حلاوة ومرارة، هدوء وصخب، فرح وحزن، تماسك وانهيار، خوف وأمان، تأکید ونكران، جلید ونیران، سید کونه وعبد أعذار، بريق عيون يملأها الأمل وعتمة حطام عيون يائسة، قلب مغامر شجاع وفؤاد جبان للظروف منصاع. كون يمتد ويمتد، جامع شامل کامل، جامع للكمال، وشامل للنواقص، فلا يكون الكمال الدنيوي إلا بنواقصه. على الرغم من أن قبول النواقص نقص، وأن السعي المحمود هو السعي المحكوم بالمبادئ نحو التطور تجاه الأعالي وأعماق المعاني. فللحياة ذات المعنى غاية ومعنی، يكون فيها للفقدان والاكتساب، الحب والمعاناة، الذكريات الوردية، النجاح، الفشل، التضحية والتجارب المؤلمة، الأيام السوداء والبيضاء جذور غائية تتغلغل متخطية الحدود الجسدية، مدركة أعماق الروح، ملامسة آنسة لها ولوحدتها، لا مقيدة. يتجلى عمق المعنى في تلك اللوحات والصفحات والمعزوفات، تلك البوابات السحرية، معابر الروح لتلك الأكوان والحيوات، النوافذ المطلة على أزمنة سالفة، العيون التي ترى من خلال منظور الشخصيات المقاسية لأسوأ الظروف، والسامية المتغلبة على قدرها. يتجلى ذلك العمق في تلك الألوان السارقة للنظرات، المستعمرة للتصور، المسلطنة على اللحظة و الكيان. يتجلى عند سماع تلك المقطوعات، حين يعلن قرع الطبول بدء حرب الجمال بين عذوبة أوتار العود، و فتنة الناي الحزين، و الكمان ختاما للاصطدام، ملقا لأبيات الرثاء على قبور الضحايا. عمق معنى الفن هذا هو السحابة الممطرة، الراوية لظمأ غابات و حدائق أرواحنا، فهي المنازل والملاذ في الليالي القاتمة، عند احتدام شدة المواقف والأحوال.
Au revoir, bonne journée.

فارس المبيريك
Comments