top of page
شعار مداد.png

جارنا الغريب

كنا صغارًا نطرق باب المنزل وتجيب أمي من خلف الباب من؟ ونجيب بكل بساطة: انا وكأن أمي تعرف من يقف خلف هذا الباب، انتقل إلى حينا جاراً جديداً لم نعرف اسمه؛ فأسيمناه الجار الغريب هو يقف مطولًا أمام أبواب المنازل الأخرى يتفحص المنزل وكأنه يرى عيبًا بالبناء لايراه الساكنون ثم يغادر هكذا، كانت هوايته اليومية يقف يحملق مطولًا ويعود أدراجه لدى جارنا بغباء ملون وكم كنت أحسده عليه فلقد كان يقلد جميع الأصوات في الحي ويغردها صباحًا لكل المارين.


كعادتي أنا وأصدقائي نطرق أبواب المنازل ونهرب لا أعلم أين كانت المتعة في ذلك ولكن الهروب كان هو الشئ الذي نجيده، نطرق ونهرب لم يجرؤ أحد منا على طرق باب جارنا الغريب، فلسبب ما وإن كانت غريزة البقاء كنا نهاب ذلك المنزل رغم كل مقومات الجمال التي تحيط به بدءاً من أسواره الحديدية المطلية حديثًا والطوب الأزرق الذي يغطي سقف المنزل حتى ساحته الأمامية الشاسعة وصولًا لذلك المرآب المغلق دومًا، ولعل الفضول أصابني فلقد أردت أن أجرب فقط أجرب أن أطرق جرس المنزل وأهرب كعادتي وفعلتها!


حينما عدت عصرًا والشمس تختبئ حول الغيوم تنبهني أن هربي لهذا اليوم قد يتعثر كنورها الذي خفت وما بات يخفت حينما اقترب الزوال، نفس ثم نفس آخر حتى وصلت للباب؛ طرقته وهربت لم يرد أحد ولم يفتح الباب أحد فشلت!


لأول مرة يصادفني منزل مسكون ولم يصب الفضول صاحبه ليرى من عند الباب، عدت أدراجي للبيت أجر اذيال الخيبة وعزمت أن أكرر الكرة حتى يرد، مساءً كنت أحوم حول البيت أرى إن كان صاحبه موجودًا حتى يتسنى لي استفزاز فضوله. غدًا صباحًا كان الفراغ هو ما تسمعه بذلك البيت سوى من صوت البغباء الذي أصبح لا يكرر سوى كلمة واحدة "من؟"ويعيدها ١٠٠ مرة.


حينما حل اليوم التالي استجمعت شجاعتي التي لاتخونني فلقد ظننت هذه المرة مثل سابقتها وإن علم من أنا فسيخبر والداي وتنتهي القصة وقفت أمام الباب وضربت الجرس وحينما هممت بالهرب أجاب صوت أنثوي من خلف الباب من؟ ولم يمهلني صاحب الصوت فلقد فتح الباب قبل أن أجيب " ابن الجيران" لم تكن فرصتي الضائعة في الهرب هي ما أخافني بل صاحب الصوت نفسه فلقد كان جارنا، جارنا الغريب لم يكت غريبًا فقط كانت شخصيته الغريبة هي ما يتحلى به صباحًا ومساءً كان يملك شخصية الحذر الذي لا يفتح الباب لأحد ويا لحظي العاثر لم يفتح لي الباب سوى شخصيته الثالثة التي لم تكن سوى قاتلة متسلسلة تبحث عنها الشرطة في أنحاء البلدة.


موقفي البطولي توقف هنا ولا أعلم نهايتي فأنا وقفت في صالة المنزل الفارغة إلا من رجلٍ متعدد الشخصيات يقف ويضرب رأسه بالجدار قائلًا (من أنا؟).


سمية الورثان



 
 

Comments


تم الأشتراك في القائمة البريدية

  • Twitter

جميع الحقوق محفوظة لمبادرة "مِدَاد" 2020

bottom of page