top of page
شعار مداد.png

حقيقة حلم

تاريخ التحديث: ١٣ مارس ٢٠٢٢

"نظراته غريبة، شعوره بالاطمئنان اتجاهي كان يُخيفني، ويرعبني..

لم تمر سوى أيام على آخر لقاء بيننا ولكن حديثي معه جعلني أعيش وأكرر تلك الحادثة.. يجتر شريط ذكرياتي للخلف ويستجلبْ مقتطفات وذكريات من أول لقاء بينا.. سلام يكسوه البرود، ابتسامة توتر ترتسم على وجهي، ومن بعدها هدوء يخيم على المكان.." تتوقف ذاكرتي عند هذه اللحظة، أعود لمنزلي مع محاولة لطرد الأفكار التي تدور برأسي، حاولتْ أن أنام وبعد جُهد غرقتْ في نوم ولكن راحته تركتني وفرتْ! أقفْ بثبات وأنظر إليه بحزم، رَجل طويل القامة، عريضُ الكتفين أبيض البشرة، ينظر لي بانكسار لا يليق له ولقامته، وأنا أبادله نظراتْ الحزم، ومن ثم تركته خلفي مستغيثاً، مرتجيا، لا يقدر على الحراكْ بالرغم من عدم وجود حائل يعيق مشيه. استيقظتُ مرعوبة، وجدتُ الصباح قد حل، أرتب نفسي وأذهب للعمل، أدخل وأجد مديري يناديني، أدخل له، أرى فيه ذاك الشخص الذي في الحلم، أتخبط بين نفسي، فمديري ليس هكذا!! ولكن لما أراه بهيئة ذاك الشاب؟! لما أرى نظرات الانكسار بعينيه؟!

أخرج وأتركه يتحدث ويصرخ عليّ، أخذتُ أغراضي من مكتبي وعدتْ مسرعة لمنزلي..

أمام شقة منزلي رأيتُ طفلاً صغيراً، يبلغ من العمر أعوامًا قليلة، ينظر لي بانكسار، ينظر لي كأني أمه وتركته!! ينظر بنظرات فطرتْ قلبي، لم ينبس ببنت شفة، دخلتْ، وأنا أغلق الباب رأيت نظرات الترجي بعينه. جلستُ على الأريكة وشريط الذاكرة يعود للماضي البعيد..

صرخات تعلو، وألمي يزداد، دقائق حتى سمعتْ صوت بكاء طفل حديث الولادة، نعم، إنه طفلي الأول رائد. طفلي الذي أجبرتْ على تركه وحيداً، طفلي الذي تركته أمام جامع، نظرتْ له قبل أن أتركه، كان يحدثني أو شعرت بذلك، شعرت بأنه يقول أمي، لا تتركيني، رأيتْ الانكسار بعيني طفلي، تركته خلفي يبكي وذهبت.. غادرت المكان والقرية.

والآن بعد عشرين عامًا، تأتيني رسالة على بريدي الشخصي، تخبرني بأن شخصًا يريد أن يراني، وفي الرسالة كان يحكي عن المتاعب التي عاشها الشاب، عن رؤية من حوله له، عن نظرة الاستنكار التي يراها في أعين من حوله، عن المرأة التي ربته وعند وفاتها تركوه أبنائها وهو طفل بعمر الست سنوات أمام باب المنزل وطردوه.


يحكي لي عن الفتاة التي أحبها ورفض أهلها الزواج منه، يحكي لي عن وظيفته بالعمل وعن مركزه المهم في شركة، ولكن على الرغم من كل هذا؛ كان يشعر دوما بالاستنكار وبأنه أقل من غيره، آخر الرسالة كان يترجى أن أقابله، فربما أكون أمه، فكل المعلومات دلت على ذلك، قال في آخر الرسالة "كسرتني صغيرًا دون أن أشعر، فرممي كسري عندما كبرت"


عدت إلى قراءة الرسالة، وذاكرتي بدأت بعملها من جديد وعادت لذاك اللقاء..

سكون مخيف، هدوء عميق، رفعت نظري لرؤيته، نظر لي بذات نظرة رضيعي رائد، لم يقل أي كلمة، اكتفى بالنظر نحوي، نزلت دمعة من عينيه حكت حديث قلبه، تركت المكان مرعوبة وعدت أدراجي لمنزلي، لوحدي، للأحلام والكوابيس التي تلاحقني، وعدت تحت حكم ذكرياتي وسوط ضميري" وسق الأزهري



٩٥ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل

مشاعر

تم الأشتراك في القائمة البريدية

  • Twitter

جميع الحقوق محفوظة لمبادرة "مِدَاد" 2020

bottom of page