استيقظت في صباحٍ كئيب -كعادة صباحاتي- تساؤلي اليومي يطرأ في بالي، ما هي المهام التي علي فعلها اليوم؟ آخ إلى متى سأضطر لتحمل ذاك المدير الوقح.. أنظر للساعة وأفكر؛ يجب علي النهوض الآن.. لأعود لحياتي الرتيبة، منعدمة الألوان، إلى وظيفة ليست كما أرغب، إلى أحلامي المكسورة، ولوحاتي الفارغة.. بلا أنيس يقود قارب النجاة.. أجبر نفسي على الحراك، أتجهز بسرعة حتى لا يفوتني القطار، رنت الساعة! وبدأ الركض سارعت بحمل أغراضي وتوجهت راكضًا نحو محطة القطار، ضوء قوي لاح لي، سقطت وحقيبتي، انتثرت أوراقي.. وجدت أنها سيارة صدمتني...
لم يساعدني أحد على الوقوف، لم يسأل أحدهم كيف حالك.. تحركت السيارة سريعًا وأنا استمريت بالركض حتى لا أتأخر على عملي، ركبت القطار في اللحظة الأخيرة، كالعادة لا أحد ينظر إلي أو حتى يخاطر بفتح حديثٍ معي، أقضي رحلتي صامتًا برفقة كتابي؛ مؤنسي الوحيد -إن لم نكن متخاصمان- ، وصلت إلى وجهتي وعاد الركض من جديد! دخلت إلى الشركة خائفًا مترقبًا، رأيت الرئيس بعينيه الحانقتان، ولكن الغريب! أنه لم يتجه نحوي! -لا أحد يفعل عادةً- إلا لإفراغ غضبه علي، وهذا اختصاص مديرنا! افترضت أن هذا عقاب من نوعٍ ما؟ توجهت مطأطى الرأس إلى مكتبي، لم يسخر أحد من حلاقتي حتى الآن! وهذا أمر جيد.. جلست طوال اليوم وحيدًا، لم يدعوني أحد لأي اجتماع أو يكلفني بأي مهمة! أهذا ما يظن ذلك الأحمق؟ أنه عقاب! بل هو جائزة بحق السماء!
خرجت سعيدًا -على غير عادتي- حاولت إيقاف سيارة أجرة -وكالمعتاد- لم يتوقف لي أحد..
نظرت إلى السماء بنظرة مختلفة، بهرت بها لأول مرة منذ مدة طويلة! السحب مجتمعة مكونةً أشكالًا لطيفة، آثرت المشي والتأمل في من حولي اوه! لم أعلم أن لدينا حديقة بجانب مكان العمل!
توجهت إلى هناك واستلقيت على القمة الخضراء، غمرتني سكينة غريبة، لا أعلم لماذا ولكن ربما كوني خارج الصراع منحني الطمأنينة، فليس هنالك مكانٌ أحتاج أن أكون فيه، ولا أحتاج أن أركض لعمل شيءٍ ما...
هه بعد كل شيء، أظن أن الحياة ليست بتلك الرتابة..

ريما عبدالرحمن
Comments