إلى: إنني أخافُ من الرسائل التي لا تصل، فأي الغرباءِ أنت؟ لا أستطيعُ تعريف اسمك، آمل أن تصلك، أنت المنشودُ ذاتك.
يأتي الليل فيخلع عنه ثوب المحبة؛ يزيحُ كل الأضواء، ويتحدى ظلمةَ أنفسنا، فينزعُ غطاءنا عنا، ويعطي نفسه حق التجلي إلى دواخلنا، ويترك لظلامه فرصةَ أن يتحد معنا.. نحنُ الأظلم منه دائمًا.
نمتزج معه، يمتلئُ بالحياة، تخفتُ فينا، فنطالبها مرارًا وتكرارًا أن تبقى، وأن تبقينا أحياءً. نحن الذين ندركُ تمامًا أنها ليستِ الدائمة، وأنه ليس النهايةَ ما نزالُ نخشى مواجهته، إنه يقول لنا كما يقول الصباح، ويفتشُ عن شيءٍ فينا ، كما نفعل معه، إلَّا أنه لا يخشانا، ولا يخشى علينا من نفسه، إنه يتفهم دائمًا، وكثيرًا ما يُحاول أن يفهم، إنه يخلع كل ثوب، وكلَّ لباس، لكي يجرد الإنسان مع نفسه، ليبقيه وحده، ليتعرف على معنى الواحدِ إذا ما اتحد فيه اثنان، متشابهان ومتضادان، الإنسان وعتمةٌ وضوء.
إنني لا أكتبُ لكِ، بل أستمعُ خلسةً لأحاديثك وأدوِّنها، ثم أقول لكِ عن الليل، عن لباسِ المحبة فيه، روحًا و معنى، عن الرضا بأقدارِ اليوم بأسرهِ بعد الرضا به وفيه.
أرسلتُ لكِ بالأمسِ الشمس، وحللتُ بعدها، فهل هذا كلُّ ما تخشين؟ هل فكرتِ يومًا أن الليل بدايةُ الأشياءِ الجميلة؟
هل فكرتِ يومًا أن الإنسان سيكون أسعد، إن خلعَ ثيابَ الأمس، وانطوى مع نهاياتِ ليله بمحبة!
بذلتُ كل شيءٍ، فهل أنتِ سعيدةٌ الآن؟
هل تعرفين يا صغيرتي أنَّ قوةَ الحياة تكمنُ في مواجهة ليلها؟ أن يبدأ يومه قبل أن يبدأ؟ بأن لا يكونَ هناك ستارٌ بين الإنسانِ والليل؟ لماذا علينا أن نخفيه؟ وأن نختفي خلفَ شيءٍ لم نبدأه؟ لم نره حتى! لماذا نخفي شيئًا ذبنا فيه واستسلمنا له؟
لماذا لا تعطين لليلِ فرصة أن يتعرفَ على لغتك؟ ثم عليكِ، لن يسألك أبدًا، هل هودٌ جدك؟ لن يُحاول التعرف عليك، إنه يريدُ أن يعرف صوتك..، سيسمحُ لك أن تكوني نجمةً هناك، فصحراؤه تتسع للجميع.
ثقي أنكِ لستِ وحدك، أنا وهو والظلامُ معك.
فهلَّا أوضحتِ ليلكِ؟
إنَّ الليل أيضًا يقولُ لي، وأنا بدوري أنقلُ إليكِ،
يقولُ الليلُ لنا، إنني أحبُّ الجميع، و سأرحلُ عما قريب، فهل له معكِ وديعة؟

الشيماء آل فائع
Comments