ذات ليلة كنت أبكي ودموعي تتساقط على وجنتي كغيمة مطرٍ منهمرةٍ.. مشاعر الحزن استحوذت علي.. أخذتني ذاكرتي الى الوراء، لأيام طالما تمنيت أن يعالجها الوقت، وأنسى ما قد مررت به، لكن! فجأة أصبح كل شيء يرمي بي لنقطة البداية! خوضي في هذا كله جعلني أحتاج لشخصٍ يقول " لا تقلقي كل شيء سيكون بخير، وستُداويكِ الأيام، فقط تحلي بالصبر! "
صوت هاتفي النقال يرن معلناً قدوم رسالة، فتحتُها، قرأتُها..
أهلا.. لقد اخْتِيَر رقمكِ عشوائياً لخوض تجربة فريدة من نوعها: قم بالضغط على موافق، وستحصل على فرصة لتغيير مشاعرك، مهما كانت المشاعر من حزن، خوف، قلق، غضب فستتغير للذي تريده.
في تلك اللحظة.. لم أفكر ولا لبرهة، فلقد قمت بالضغط على موافق، و يا ليتني أدركت ما سيترتب عليه اختياري في ذلك الوقت!
قمت باختيار مشاعر (السعادة)..
في اليوم التالي استيقظت بشعور آخر غريب، لا أعلم ما هو؟ يا له من شعور رائع، يجعلني أشعر بالتفاؤل وحب الحياة، لا حزن فيه، و لا بكاء ..
وقبل منتصف الليل جاءتني رسالة تقول:
عزيزي العميل
لقد قرأتَ الشروط قبل الضغط على موافق، وأحد الشروط سيتم تطبيقه بعد نصف ساعة. هلعت وارتبكت ما هذه الرسالة؟ وما هو الشرط الذي سيطبق؟ يا إلهي ماذا سأفعل؟
أفكار كثيره تجول بخاطري، وازداد خوفي وتوتري. وبعد لحظات أتت رسالة أخرى ...
عزيزي العميل
أحد الشروط سيطبق الآن!!
صداع برأسي.. يدي ترتجف.. قلبي يكاد يتوقف.. استرجعت ما حصل لي بالأمس وعاد حالي كما كان سابقاً من حزن، وتعاسة، وخيبة أمل.. كل شيء سقط علي كصخرةٍ أثقلت كاهلي، تذكرت عندما ضغطت "موافق" على الرسالة فشعرت بقشعريرة في جسدي، ماذا فعلت بنفسي بالأمس؟! استلقيت على سريري أحاول ان استجمع قواي، أخذت شهيقاً وزفيراً، وبعد أن هدأت نفسي.. تساءلت: ما فائدة السعادة التي اخترتها إن كانت ستدوم لفترة قصيرة فقط؟ ولا مفر من حالي السابق؟ ولماذا عندما كنت سعيدة نسيت حزني؟ تساؤلات كثيرة أهلكتني وجعلتني أتوه في دائرة لا نهاية لها. أسرعت أبحث عن شروط الموافقة، لكن لم أجد ما أريد، استسلمت وكُلي يأس، وأتى الصباح والسعادة تغمرني ولا أتذكر شيئا عن الأمس، وعندما دقت الساعة ١١:٣٠ مساءً قبل منتصف الليل أتتني رسالة وعندها تكررت نفس الأحداث ....
كل شيء يعاد ولا أعلم متى يتوقف.
وبهذا أنا ندمت على عدم عيشِي شعور الحزن الذي تملكني تلك الليلة، فلولا الحزن لما عرفت طعم السعادة، أدركت معنى هذه الجملة عندما كنت أستيقظ كل يوم بشعور لم أعرف أنه السعادة. وبموافقتي على إتاحة هذه الفرصة حذفت من حياتي مشاعر الحزن، ومن ذلك تعلمت أنه يجب أن أتخطى حزني بنفسي، حتى لا يكون واقعا يعاد كل ليلة.. وعندما أتذكره أبتسم وأقول: حزنٌ تخطيته ولن يعود بإذن الله.
" ثمن السعادة التي طلبتُها كلفني حزناً كل ليلة لمدة ٥ أيام متواصلة، بعدها توقف هذا العذاب،
عزيزي العميل لقد انتهت مدة طلبك لتغيير المشاعر، نتمنى أنك تعلمت درساً من دروس الحياة ".
فاطمة السليمان
Comments