استيقظ سالم وبدأ اليوم الذي تغيرت فيه حياته، اليوم المنتظر ليبدأ عمله الجديد، كان مستعدا جسديا و ذهنيا ليباشر أول يوم له، تناول وجبة الفطور ثم توجه مباشرة لمقر العمل ومع زِحام الطريق أخذ يفكر بأن هذه البداية هي فرصته ليظهر عقله الواعي الذي صقله لسنوات عديدة و مهاراته المتعددة و...
لكن في هذه اللحظة جاء صوت أرعبه وأخذ كامل تركيزه ثم بعدها ظلام دامس؛ بعد عدة لحظات استيقظ سالم برؤية ضبابية و قطرات الدم تملؤه، تحرك العالم ببطء من حوله، وتشتت تركيزه من فجعةٍ الصدمة، لكنه حاول استجماع كامل قواه و تركيزه، ليدرك أنه في مكانٍ مألوف لكن مختلف قليلاً؛ سيارته، لكنها رأساً على عَقِب وعرف حينها أنه تعرض لحادث مروري.
بينما جلس هناك متألما بلا حولٍ ولا قوة، دمعت عيناه عند تذكره لوالِدِهِ؛ وتسائل بأسى "هل هذا ما شعر به قبل موته؟ هل سأموت بنفس الطريقة الوحشية؟" عام في بحر اليأس بسبب تلك الفكرة؛ إلى أن رأى أحد الأشخاص ورأى معه بصيص الأمل بالنجاة، بدأ الشخص بمخاطبته ومد يده لكي يخرجه من السيارة المقلوبة، لكن طنين التصادم كان يحول بين سالم و سماع الكلمات، وبالكاد استطاع سماع صوت سيارة الإسعاف، وعرف أن الشخص الذي يريد إخراجه هو مُسْعِفْ؛ وحينها ازداد الأمل..
كانت لحظات قيمة للحفاظ على استقرار الإصابات و استعادة توازن السيارة كي لا تشتعل بالنيران، تطلب من المسعفين عدة محاولات وبضع دقائق ليستطيعوا إخراجه بحذر شديد كي لا تتفاقم حالته، وفور نجاحهم باشروا الاعتناء بجروحه وبقيّة الأضرار، بينما ينقل المسعفون سالم إلى سيارة الإسعاف و جسده ممتلئ بالكسور و الدماء، كان كل ما يشغل تفكيره هو مأساة والده من قبله؛ و فرحه بالنجاة من الموت بتلك الطريقة، وصل سالم إلى المَشْفى وكانت تِلْكَ أول مرةٍ يلتقي بها زملاء عمله الجديد كأحد مرضاهم.
أسامة القوسي
Comments