top of page
شعار مداد.png

على غير العادة

هادئة على غير العادة بعد قطع معصمي أثناء استلقائي في حوض الاستحمام الذي بدأت مياهه تتلون بدمي، مشرعة النافذة لكيلا تشم أمي رائحة السجائر التي سرقتها من والدي، أفكر ما الذي أوصلني لهذه الحالة وأنا لم أتجاوز السادسة عشر.


ثم بدأت أستعيد ذكرياتي وأنا أكاد أفقد الوعي، ثم وصلت إلى أن كل ما يحدث لي منطقي، فقد ولدت لأب مدمن وأم ترى أني الغلطة التي جعلتها تلتصق بهذا المدمن التعيس؛ فأنا ابنتهما الوحيدة.


عندما تنتهي من تعنيفي كنت أذهب للمدرسة وأطبق ما تفعله بي على الفتيات الساذجات، ولدت في عالم إما أن أكون متنمرة أو أن أكون متنمراً عليّ، ولم أرض أن يُداس علي مرتين، مرة في المنزل تكفي!


ثم انخرطت في دوامة العنف هذه حتى قابلت شهداً، تلك الفتاة عجيبة لم تكن تبكي أبدًا! مهما ضربتها وشتمتها وسرقت حاجياتها لم تكن تذرف دمعة واحدة، فيجن جنوني وأزيد من حدة تعذيبها لدرجة أنني أسلت دمها أكثر من مرة ولكنها لا تتأثر.


وفي أحد أيام المدرسة المملة أتت المديرة لفصلي ونادتني إلى مكتبها ووجهها يتلون بالسواد والقبح، صحيح أنها قبيحة دائمًا ولكن في ذاك اليوم بالذات ازدادت قبحًا، عندما دخلت مكتبها وجدت شهداً وبجانبها امرأة عجوز وبدينة جدًا وقدمها اليسرى مقطوعة وبيدها عصا كبيرة وكرسيها المتحرك يكاد أن ينفجر من وزنها.


سألتني المديرة هل تعرفين هذه المرأة؟ لم أرّد عليها، يا لغبائها كيف لي أن أعرف من هذه العجوز البدينة، فتداركت على نفسها وأجابت بنبرة مقرفة إنها أم شهد التي تعذبينها كل يوم، لم أشعر بشي ولم تتغير ملامح وجهي فأنا لا أهتم لشهد ولا لعائلتها.


ولكن رنين أذني قطع تفكيري بسبب صفع المديرة لي وانهالت علي بالشتائم التي لم أكن أسمعها إلا من والدي عندما يكون في أسوأ حالات إدمانه.

صرخت أم شهد عليها قائلةً هيا هي أمامك الآن اضربيها، ولكن شهد لم تتحرك أبدًا وكأنها جمادٌ يحدق بي، سحبت أمها عصاها وأبرحتني بها ضربًا حتى شعرت بأن ضلوعي وعظامي كلها تحطمت، وقالت لي وهي تبكي هل تعلمين أن التي تضربينها كل يوم يتيمة! وأخذت تسرد علي حياتهم التعيسة، لا أعلم لم لا تضربني وهي ساكتة فلم أكن أهتم بحالتهم الاجتماعية على كل حال.


أوقفتها المديرة بعد أن نزف أنفي وامتلأت سجادة مكتبها الفاخرة بالدماء، سحبت المديرة الواجمة الملامح أذني وقذفت بي خارج مكتبها.


عدت للمنزل، سرقت السيجارة، خلعت ثيابي ملأت حوض الاستحمام، قطعت معصمي.


علياء العيسى



١١ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل

مشاعر

bottom of page