top of page
شعار مداد.png

مثلث متهالك

عقدٌ من حياتكِ قد مضى بين سؤالٍ وإنسان.


طرح السؤال نفسه أول مرةٍ عندما التقيتِ هالة.

ومُذاك الحين لم يتصادفا معًا؛ إذْ صار يحضر أحدهما بغياب الآخر.


كان صباحًا مدرسيًا قائظًا، تلميذتان تجلسان في الفِناء عقابًا؛ إحداكما لتأخرها الصباحي، وأُخراكما لهيئتها التي لم تلِق بطفلة في الخامسة عشر من سنها.


"أفهم أنني هنا لمظهري المبهرج؛ ماذا عنكِ يا طيف؟ وجدتكِ المديرة مملةً جدًا؟"


كزيتٍ حار كانت كلماتها؛ وكذلك كانت هي.

غير أنّ شعورًا منيعًا حاصر قلبك من وقتها؛ ولعل عندليب صوتها كان ما أثاره.


اكتفيتِ بالقول "غيبوبة سكري"


مأسورةً بلمعانها ورائحتها الحمضية صرتِ طيفها.

ومُعجبةً برماديتكِ المستفزة وجلستك المكنفئة صارت هالتكِ.


وأنتِ.. كطيفِ هالة تشكلتْ مهمتك في الهمسِ لطربها، الحياد للونِها، والنسيم لاشتعالها.


كيف لا وهي من حرصتْ على تزيينك طيلة الوقت، وإخفاء علامات وزنك، ومساعدتك في حقن الإنسولين؟


في كل مرةٍ تغادركِ هالة ويحضركِ السؤال كنتِ تدفعينه بعيدًا؛ لأن "هالة تحبني."


ولمَ عساها لا تحبك وهي من قصّتْ شعركِ لتخرج الثانوية بطريقة عصرية ودافعتْ عنكِ حين ضحكَ الجميع؟

وهي من أهدتكِ ميزانًا وشاي رشاقة -يدوي القطف- في العيد؟

وهي من ألحتْ عليك لتدرسي معها في نفس الكلية لأنها لا تسطعُ من دونك؟

وهي من تصحح جميع أخطائك دون تأنٍ أو مجاملة؟


ولمّا سقطتِ -في السنة الأخيرة من الكلية- عدة مراتٍ إثر غيبوبة السكّري، كرهتِ إثارة قلقها لذلك أخفيتِ مرضك واستصعابكِ للدراسة عنها جيدًا للحد الذي لم تلحظ اختفائك المؤقت معه.


حضرتِ حفل تخرجها في الكلية -لأنها فرحتها وإن لم تتخرجي معها- واستقبلتكِ بضحكة "طيفي ما يزال حيًا!"


اليوم دعتكِ هالة لحفل زواجها مرددة "أريد أن تشهدي حصولي على نهاية سعيدة يا طيف."

وفي هذا اللقاء حضر السؤال ليثلّكما مجددًا بعد عقد من الزمن.


اليوم أفقتِ من غيبوبتك "هالة، اسمي ليس بطيف."

اليوم أطربتِ وتلونتِ واشتعلتِ.

اليوم تجيبين السؤال: حتّامَ يطول بقائي في الشرنقة؟


اليوم أنتِ شُعاع.


أشجان



١٥ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل

مشاعر

bottom of page