top of page
شعار مداد.png

منعاً للخلافات

منيرة، الفتاة التي استطاعت أن تغير مجرى الأحداث بمجرد وجودها بالحياة. بعد أن تشابكت الأمور حتى أصبحت بداية القصة غير معروفة، و بعد أن راحت روحين ضحية هذه الخلافات، منيرة جاءت.


في عام ١٩٦٧، و في مغسلة الموتى، جاء محمد ليقبّل رأس أخيه المقتول، علماً بأن محمداً هو القاتل، و لكن هذا جزء من خطة التستر على الموضوع. لم تبدُ العائلة سعيدة بهذه القبلة، ولا محمد بالتأكيد، وبالمقابل لم يبدُ أحداً حزيناً على المستلقي ميتاً أمامهم.. أخيهم.


بالرغم من علم الأسرة كلهم بأمر القاتل، إلا أنهم وبعد أن أهلكتهم الخلافات على مدى العشرة سنوات السابقة؛ أصبحت مشاعرهم تميل للحياد بهذا الأمر. بعد هذا، لا يوجد داعٍ حقيقي لذكر الخلافات ولا مدى شدة وقعها، لأن النتيجة تنبئ عن بشاعة فوق التخيل. 


صُلّي على الميت، دُفن الميت، ثم توجه كل لبيته؛ لا عزاء بالطبع… لكن محمد شيء في خاطره لم ينته بعد، يشعر محمد بأنه بحاجة لأن يذهب لأخته أماني، ليُكمل ذاك النقاش الذي ناقشه محمد و أماني و أخيهم الميت قبل أن يصبح ميتاً مباشرة، فالمطلب الكبير، و هو تركة والدتهم، الذي لم يعد مطلباً بحد ذاته بقدر ما أصبح هدفاً للتمكن منه لإعلان الانتصار في حرب بين الإخوة قد طالت حتى حوّلت الهدف لمعنوي أكثر منه مادي. 


لا زالت رائحة الدم في بيت أماني، إلا أن محمد استهل الموضوع وكأنه لا أنف له، وأماني.. تفكر و تُحصي الباقي من التركة بعد أن راحت حصة أخيهم الراحل دون أن تعير اهتمامًا لحديث محمد. و طال الحديث.. حتى قبّلت أماني جبين أخيها محمد، في مغسلة الموتى، وكأن الموت أصبح الهدف الجديد لهذه الأسرة.


عشرة أخرى من السنين قد مرّت، و التركة، التي لم تعد هي الحرب؛ بل حتى أصبح وصمها بأنها سبب الحرب موضع شك، لم تُلمس بعد. وأماني، في ١٠ من ديسمبر من عام ١٩٨٧ أصبحت "جدة" للمولودة (منيرة)، التي أطلقت مع صرختها الأولى في الحياة، عزماً لفتح باب مغلق في أسرتها لم يُعرف له مفتاح قبل أن تعرفه منيرة.


ما أن صاحت منيرة ذات السبعة أعوام: "ماما! شيء في الفناء غريب يا ماما!"، "أين وجدتيه؟"، "فوق سطح الغرفة الخارجية، لما تسلقت النخلة يا أمي"، "كيف شكله؟"، "مربع أسود صغير، و بجانبيه قفلان".


مربع أسود صغير؛ و بجانبيه قفلان، لم يعد بحاجة لمفتاح بعد أن كُسر القفلان، ووجدت فيه أماني وابنتها، والمنيرة، أوراق كثيرة، كلها تشير إلى نفس الموضوع؛ الأملاك كُلها لمنيرة. "مكتشف هذا الصندوق… منعاً للخلافات"


رغد النغيمشي




٢١ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل

مشاعر

bottom of page