top of page
شعار مداد.png

هل توجد مظلة تقي الإنسان نفسَه؟

وُلِدتَ كائنًا دافئًا وهّاجًا. تعيشُ في غابةٍ مخفية، مطيرةٍ على الدوام.


لا تذكر أنّك تضررت شخصيًا من التعرض للمطر لكنكَ تحرص على الاستظلال في كل مرة عند الخروج كحال بقية الناس، ومع كل استظلال تكاد تقسم أنّ الوابل صار أكثر غزارة مما يبدو عليه.


كنتَ تعزفُ على الناي ذات يوم في الكهف الذي اعتدتَ اللعب فيه، تتراقص الفراشات الذهبية حول أنغامك طربًا، تتوسطها فراشةٌ بيضاء بنقوشٍ براقة.


لم تكن ساعة طربٍ استثنائية، لكنكَ كنتَ كذلك حين غادرتَ ناسيًا مظلتك الحامية في الكهف.


وكالمخلوق المنير الذي أنتَ عليه أخذ وهجك ينطفئ تدريجيًا وتباطأتْ خطواتك، أحسستَ بالخوف وبالعريّ تحت المطر لكنك بلغتَ منزلك أخيرًا بدعواتِ والدتك.


في تلك الليلة كتمك رعب أهلك بعد أن ذكرتَ الفراشة البيضاء في الكهف.


وجدتَ نفسك محجورًا لأيامٍ بعدها. تنضحُ من جلدكَ الدافئ ذكرى؛ لمنزل الجارة المُحِبة أعلى التلة.. تزوركَ كأحلامٍ وككوابيس، أمانيّ ومخاوف.


لم تُجدِ محاولات أهلك في تخفيف أعراضك.


ضقتَ ذرعًا بالغابة المطيرة التي لم تعرف غيرها مُذ وُلدت.


وفي الليل تسللتَ نافدًا قاصدًا بيت الجارة مؤمنًا بها وممنيًا نفسكَ بمخبوزاتها الشهية.


لا يرعبكَ انخفاض دفئك ونورك بقدر ما يزعجكَ كسيرِ حشرة على ظاهر قدمك.

ها أنت تصعد التلةَ، تتسلقها بالأحرى. منتشيًا بإحساس البطولة رغم بُهتك التام وعُريّك.


تحس بقرب الموت كلما اقتربتَ من المنزل، ثم ماذا؟ إنك هالكٌ على كل حال.


وصلتَ إلى القمة!

يشتد الوابل فجأة فتظهر الشمس بعدها.


بيتُ الجارة المُحِبة بدا خرابةً حتى فُتِح بابه ليستقبلكَ أنتَ آخر، جديدٌ أكثر وهجًا وتوردًا.


أشجان



٢٦ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل

مشاعر

bottom of page